عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- والشعراء

عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- والشعراء

عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- والشعراء


أحب عمر -رضي الله عنه- الشعر, وكان يحفظ الكثير منه وقد قيل: إنه لا يكاد يعرض عليه أمر إلا أنشد فيه شعراً, وقد حث على تعلم الشعر, وتربية الأولاد على حفظه, لأنه ديوان العرب وفيه أخبارهم وأنسابهم, وتعرف به مكارم الأخلاق لتحتذى, ومساوؤها لتجتنب.
وكان للفاروق -رضي الله عنه- في الشعر آراء صائبة, ونظرات ثاقبة عدها النقاد من بواكير النقد الأدبي القائم على التعليل والتفسير حيث علل تقديمه لزهير بقوله: كان لا يعاظل في الكلام, ولا يتبع وحشيه ولا يمدح الرجل إلا بما فيه.
وكان بصيراً بمواقع الألفاظ في سياق الأبيات حيث قال لسحيم عبد بني الحسحاس لما قال:
عميرة ودع إن تجهزت غازيا * كفى الشيب والإسلام للمرء ناهياً
قال:لو قدمت الإسلام على الشيب لأجزتك, حيث يرى أن الإسلام أنهى للمؤمن وازجر من الشيب.
وكان -رضي الله عنه- يحاسب الشعراء على تجاوزاتهم وأخطائهم على أنفسهم أو على الآخرين, وكان الناس يعرفون ذلك منه فإن الزبرقان بن بدر هرع إليه من مرارة هجاء الحطيئة له بقوله:
دع المكارم لا ترحل لبغيتها * واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي

فحبسه عمر, فلبث في السجن مدة يستعطف قلبه, ويحاول استمالته, فلم يستجب له حتى قال:
ماذا تقول لأفراخ بذي iiمرخ * زغب الحواصل لا ماء ولا شجر
ألقيت كاسبهم في قعر مظلمة * فاغفر عليك سلام الله ياعُمر
فبكى عمر -رضي الله عنه- ورقّ له, فأطلق سراحه, واشترى منه أعراض المسلمين بثلاثة ألاف درهم, فقال في ذلك:
وأخذت أطراف الكلام فلم iiتدع * شتماً يضر ولا مديحاً ينفع
وحميتني عرض الليئم فلم يخف * ذمي وأصبح آمناً لا iiيفزع
وسمع أبيات النعمان بن عدي واليه على (ميسان) يذكر فيها الخمر, فيقول:
فمن مبلغ الحسناء أن iiحليلها * بميسان يسقى من زجاج iiوحنتم
إذا كنت ندماني فبالأكبر اسقني * ولا تسقني بالأصغر iiالمتثلم
لعل أمير المؤمنين iiيسوؤه * تنادمنا في الجوسق iiالمتهدم
فقال:وأيم الله لقد ساءني فاستدعاه, وأراد أن يقيم عليه حد الخمر, فقال:والله ما شربتها, والله يقول وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمْ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَى أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُون), فقال:أما هذه فقد أسقطت عنك الحد, وأما الإمارة فلا تلي لي إمارة أبداً.
واستعمل آخر على عمل, فبلغه أنه قال:
اسقني شربة تلذ عليها * واسق بالله مثلها ابن هشام

فأشخصه إليه,وعلم الرجل -وكان ذكياً- فضم إليه بيتاً آخر, فلما قدم عليه قال: ألست القائل:
اسقني شربة تلذ عليها * واسق بالله مثلها ابن هشام

قال: نعم, يأمير المؤمنين إن لهذا ثانياً:
عسلاً بارداً بماء سحاب * إنني لأحب شرب المدام

قال :عمر -معجباً-: الله الله, أرجع إلى عملك.
وحرص -رضي الله عنه- على كون الشعر داعياً إلى الفضيلة مرغباً فيها يرتقي بأخلاق الناس, ويزكي عقولهم, ولأجل ذلك نهى عن الغزل, وتقدّم إلى الشعراء ألا يشبب أحدٌ بأمراة غلا جلدة, فصار بعضهم يكني عن المحبوبة بالشجرة والسرحة كما فعل حميد بن ثور -رضي الله عنه- فقال:
قضى الله إلا أن سرحة iiمالك * على كل أفنان العضاةِ iiتروق
فهل أنا إن عللت نفسي بسرحة * من السرح ماخوذ علي iiطريق
وأخباره -رضي الله عنه- مع الشعراء كثيرة, لا يتسع لها هذا المقال، فهذا غيض من فيض وقليل من كثير من أخباره المنثورة في كتب الأدب.
-:[blink] مع تحـــــــــيات القيصر [/blink]:-

المصدر: :::: منتديات أبو فروع :::: - من قسم: تفسير القرآن والسيرة النبوية

---

ulv fk hgo'hf -vqd hggi uki- ,hgauvhx