عجب البنات صبي في الخامسة عشرة من عمره ، وهو أحمق ابن أحمق ابن ابن احمق، كما ان امه حمقاء كذلك. فجده لابيه (الساكاهن) كان مولعاً بتربية الحمير وكانت له عشرة حمير يسوقها يومياً الي مزرعته التي تعد خمسة كيلو مترات عن القرية يقطعها جرياً وراء الحمير لايركب واحداً منها وغذا سألوه عن ذلك يقول:
0000 أكان ركبت واحدة وخليت التسعة يوم القيامة أقول لى الله شنو؟
كانت له خمس بقرات وخمسة عجول فسطا لصوص علي زريبته فسرقوا البقرات وتركوا العجول ولما ايقظته زوجته من النوم لتخبره بالسرقة سألها:
0000 العجول ساقوها؟
0000 لا العجول موجودة.
0000 خلاص نومي الصباح لمن يجوا يسوقوا العجول نقبض عليهم.
اوبه البدوي أحمق كذلك .طلب مرة من ودمنقاش ان ينجر له مجداعاً خشياً يسمي ( الطرمباش) ويتخدم لصيد الطيور الكبيرة كالرهو والحبار والبجع والوزين،وهو مقوس الشكل طوله متر وعرضه سبع سنتمترات وسمكه سنتمتراً واحداً .يقذف به من الضفة الغربية للنيل الازرق علي اسراب الطيور التي تحلق فوق الماء فان أصاب هدفه سقط علي الماء فيسبح صاحبه فيحضر الرمباش والمغنم وإن اخطأه عبر النيل الي الضفة الشرقية ثم يرتفع في الهواء ويبدأ رحلة العودة فيسقط علي نفس النقطة التي قذف به منها.
قذف الدوي طرمباشه عبر النيل ولم يكن موجهاً علي هدف بل اراد تجربته، وعندما عبرالطرمباش النيل وعاد جري البدوي ناحية اليمين فرأى الطرمباش مقبلاً نحوه وجري ناحية اليمين فراه يتجه نحوه ايضاً ، فجثا علي ركبتيه وغطي رأسه الاصلع بكلتا يديه فسقط الطرمباش علي ظهره فقال مخاطباً اياه:
0000 خلاص ارتحت ؟
امه ست البنات حمقاء ايضاً، فعندما كانت شابة كانت تلعب مع البنات لعبة تسمي ( حزر فزر وقول خشمي فيه ايه) ولكي تعجز البنات والاولاد عن معرفة ما بفمها فقد كانت تدخل فيه خنفساء !!!!
عند إعادة الاستجواب لم يغير اي من الاولاد اقواله التي ادلي بها في المرة الاولي ، ولم يشدد المفتش علي فكي الخير بينما اصرّ عجب البنات علي أنه اعمي واطرش فنهض ود الامين من وسط الطلاب وقال:
0000 يا حضرة المفتش الولد ده اهبل وعقلو ضعيف وأبوه وأمو زيو.
0000 كيف إرفت إنو أهبل؟
0000 ليه في الخلوة عشرة سنين ولوحو ما فات قل يايها الكافرون، تلاتة سنين ما محاها!!!
فنظر المفتش ملياً لود الامين ثم همس للشيخ عبد الله الترابي الذي تولي التحري مع عجب البنات.
0000 يا عجب البنات ابوك مين ؟
0000 أبوي البدوي ود الجاز وأمى ست البنات بت كعيبرة لكن هي كعيبة خلاص.
0000 كعيبة ليه؟
0000 قلت ليها اديني قرشين اشتري بيهن سروال ، قالت لي (التقرش حلقوم أبوك)
0000 قلت ليها تقرش حلقوم ابوك اتي يا بت العوراء ...... وقالت لي .... وقلت ليها...
0000 طيب ..طيب ..خلينا من ست البنات . نحن الان وين ؟
0000 في عمارة الافندي .
0000 إسمها التاني شنو؟
0000 الكامنين .
0000 تقرا في الخلوة ؟
0000 ايوة بقرة.
0000 لوحك وين؟
0000 في الدكة تحت لوح عوض السيد ود خادم الله داك.
0000 لا،لا،أقصد في صورةايه؟
0000 قل يايها الكافرون...
0000 اقراها لين .
0000 بسم الله الرحمن الرحيم ، أعوذ بالله رب العالمين ، قل يايها الكافرون ، لا اعبد ماتعبدون ولا تعبد مانعبدون ولا .... ولا تعبدون..
0000 هذا يكفي ..هذا يكفي !
والتفت الي المفتش :
0000 يا جناب المفتش هذا الصبي متخلف عقلياً ولايعتمد علي اى ايفادة يدلي بها .
فسجل الباغ ضد مجهول وأغلق محضر القضية.
(9)
هذه علي ما يبدوا النهاية التي ارادها شيخ عبد الله الترابي لهذا التحري ،ولو اراد ان يسمع المفتش الحقيقة كاملة من فيه عجب البنات او فكي الخير لفعل دون كبير عناء ،فقد كان مدركاًمنذ بداية التحري لتورط فكي الخير في إختطاف سالم وكان يعتقد ان ود الامين شيخ الحلة ضالع في الجريمة ايضاً ولكنه لم يشاء ان يكون له اسهاما ً في كشف ابعاد هذه الجريمة.
لربما تكون قناعته الشخصية في القضية برمتها لا تختلف عن قناعات المشاركين في اجتماع خلوة الشريف مختار ولربما يكون احجامه عن كشف الحقيقة إعتراضه علي القانون الجنائي البريطاني المطبق في السودان وقتها والذي سيحاكم المتهمون في حال ادانتهم وفق نصوصه،ذلك القانون الذي يبيح شرب تالخمر وترويجها والاتجار فيها كما يبيح جرائم الزنا والواط إذا ماتمت بين اناس بالغين متراضين.ولربما لم يشاء ان يحطب في حبل ونتاباطون .
فالقاضي عبد الله دفع الله الترابي عرف بحيدته وحرصه الشديد علي الايكون احد القاضيين، هذا الحرص كلفه الكثير من حياته الخاصة وجعله كالطائر الوجل.لا يهناء بعيشه ولا يمتع الناس بصوته.فقد كان الترابي مقلاً في علاقاته الاجتماعية ويقسم يومه بين عمله بمحكمة الكاملين واسرته ببلدة ود الترابي وجرفه بقرية الحليلة الفكي موسي ولم تخلو واحدة من المارت النادرة التي اطر فيها لمخالطت الناس من طرفة او ملحة .دخل عليه يوماً رجل من بدو الباطنة وكان الشيخ علي مائدة الغداء فدعاه للاكل ولما جلس الاعرابي قال :
0000 بسم الله ياالشيخ حسن ودحسونة.
فأمسك الترابي يد الرجل وقال:
0000 أسمع هنا ، الطعام دا كسبته بعرقي واعانني الله عليه فان كنت تعتقد ان للشيخ حسن ود حسونة فضلاً فيه فانهض!
ذهب مرة للعزاء في قريب له باحدي القري المجاورة لود الترابي وعندما حان موعد صلاة العصر اصطف الناس للصلاة وقدموا رجلاً كثير المال قليل العلم للصلاة بهم فقرأ الفاتحة والصورة جهراً ولحن فيها فخرج الترابي من الصف وجلس بعيداً حتي سلم الامام فسأله:
0000 بتصلي ليك كم سنة يا حاج محمد؟
0000 من بلغت الحلم يامولانا يعني حوالي خمسين سنة.
0000 مدة طويلة مشاء الله.
تفتحت اسارير حاج محمد وحسب كلمات الشيخ مقدمة لثناء يرفع من قدره ويضيف الي مكانته فواصل الترابي حديثه:
0000 لكن صلاتك خلال الخمسين سنة دي كلها باطله.
0000 باطلة كيفن ياشيخ عبد الله؟
0000 لو داير تعرفها باطلة كيف تعال ود الترابي اوريك كيف تكون الصلاة.
لقد كان الشيخ عبدالله الترابي بعلمه الغزير ومنصبه الرفيع خلال تلك الفترة التي كان الناس فيها يركبون الدواب بحثاً عن من يقرأ لهم خطاباً او يكتب الرد عليه ،مثالاً فريداً لعالم ضاع بين جُهّال.