الحصاحيصا اكبر مقبرة للمبيدات في افريقيا
لقد بلغت كميات المبيدات التالفة الموجودة داخل دول القارة الافريقية حدا خطيرا حيث قدرت ما بين 20000 الي 60000 طن متري يوجد منها مايزيد علي الالف طن دون حساب ما يقرب من 500 طن دفنت في ما يعرف بمقبرة مبيدات الحصاحيصا علي بعد كيلومتر ونصف غرب النيل الازرق .
( من تقرير برنلمج الامم المتحدة للتنمية في اغسطس 1992)
هذا التقرير يعكس مدي خطورة الوضع البيئى الذي يهدد حياة وارواح المواطنين والكائنات الحية الاخري في الحصاحيصا المدينة الثانية بولاية الجزيرة. عند صدور هذا التقرير تفاعلت معه العديد من جمعبات حماية البيئة العالمية وبعض الجمعيات المحلية والتي بذلت جهد كبيرا في التخفيف من حدة تنامي الخطر الا ان الوضع البيئي لايزال ينذر بالعديد من المخاطرالتي تهدد حياة المواطنين اذ ان الخطر لايزال قائما والسلطات لم تحرك ساكنا لاحتواء الوضع الذي بدا يأخذ عدة اشكال اكثر تعقيدا علي صحة المواطنين والبيئة.
بداية الكارثة:
من موقع مخازن المبيدات التابع لمشروع الجزيرة وعند محطة قرشي شمال الحصاحبصا وفي العام 1987 انطلقت الكارثة الكبري لاكبر تلوث بيئي عرفه السودان. كميات كبيرة من براميل المبيدات السامة والتي حرم استعمالها نظرا لخطورتها علي الكائنات الحية والانسان علي وجه الخصوص وهذه المواد السامة تحتوي علي مادتي الاندوسلفان (دايانا) وال Ddt والتان دار حولهما جدل عالمي انتهي بتحريمهما لاحتوائهما علي ترسبات مسرطنة في الدم .
النخزين الخاطيء في العراء مباشرة ولفترات طويل ادي الي تاثر البراميل التي تحتوي علي هذه المبيدات القاتلة بالتعرض لحرارة الشمس ومياه الامطار مما ادي الي تآكل البراميل بفعل الاصداء لتتم عملية تسرب كمبات كبيرة من هذه المبيدات علي الارض مباشرة . وعندما صدرت التوجيهات بحظر استخدام هذه العينة من المبيدات لجأت ادرة المخازن الي التصرف ببيع البراميل بعد افراغها من المبيد وذلك بسكبه علي الارض مباشرة وعندما فاحت الروائح المنبعثة واصبح من المتعذر احتمال ذلك لجأت ادارة المشروع الي القيام بطمر المبيد المتجمع علي سطح الارض بالتراب سطحيا واستخدام القطن والبذرة لامتصاص المواد السائلة وهكذا قامت ادارة مشروع الجزيرة بارتكاب اكبر جرم بحق مواطني الحصاحيصا والذين تضرروا كثيرا مثلهم مثل مواطني شيرنوبل الروسية بعد كارثة المفاعل النووي ومواطني بوبال الهندية التي مات العديد منهم اثر تسرب الغازات السامة , حيث يقضي المتسببين في هذه الكوارث عقوبة السجن لارتكابهم جريمة ضد الانسانية بعد ان تم تعويض اسر الضحايا وهنا لايزال لايزال من تسببوا في كارثة مبيدات الحصاحيصا لم تطالهم يد القانون ولم تقم السلطات بتقديم اي تعويض لازم للمتضررين وللمدينة المنكوبة .
عوامل الكارثة:
ان الاجراء الذي قامت به ادارة مشروع الجزيرة من طمر سطحي لهذه المبيدات هو اخطر جانب في هذه الدايلما التي تشغل المهتمين بقضايا البيئة والتي لن تنتهي اثارها قريبا. ان عملية التخلص من المبيدات التي تتسرب الي سطح الارض ليس بالامر البسيط وذلك علي حسب ما ينصح به خبراء الوقاية والذين يروا انه يجب اقتلاع التربة الملوثة باعماق معينة وبعثرتها عن طريق الجو في منطقة صحراوية غير مأهولة بالسكان بعدد محدود من الكيلوجرامات في الكيلومتر المربع.
المنطقة التي تسربت فيها المبيدات تقدر عمق المياه الجوفبة فيها بحوالي 9 امتار حيث بلغت درجة تشبع الارض بالسميات قمتها من 90 الي100 % علي حسب ما جاء في تقارير الاتيام المختصة والتي زارت المنطقة واخرها منظمة اوكسفام العالمية. الي جانب التلوث الذي اصاب المياه الجوفية , هنالك الدور الذي لعبته الرياح في نقل ذرات هذه المواد السامة الي مناطق ابعد.ولقد لعبت مياه المطار اخطر الادوار وذلك بجرف التربة الملوثة عبر الخيران ومجاري الامطار الي النيل الازرق والذي لا يبعد اكثر من واحد ونصف كيلومتر مرورا بعدد من الاحياء السكنية.
هنالك عاملا اخر اثر علي حيوانات المنطقة وذلك من جراء استخدام البذرة الملوثة كعلف واسخدام جزء منها كمحروقات ووقود لكثير من المصانع المجاورة والتي بدوره ساعدت في انبعاث الغازات السامة.
آثار الكارثة:
عند ازدياد شكاوي المواطنين قامت العديد من الجمعيات بزيارة المنطقة وقد جاءت الافادات التي تم جمعها من سكان الموقع الاكثر تضررا ملخصة في كتاب الاستاذ احمد محمد سعد ( اطلال من الرماد ام العودة الي الغابة ) حيث جاء ما يلي:
" منذ وصولنا بدأنا نشتم روائح غريبة وقبيحة قادمة من جهة المقبرة وحظيرة الاسمدة والمبيدات وبعد فترة من الزمن بدأنا نشعر بضيق في التنفس وفقدان الشهية في الاكل- نأكل تأدية واجب- ثم بدأنا نشعر بفتور ووجدنا الحركة صعبة وقد زادت الاعراض عند النساء والاطفال ثم ظهرت حساسية الجلد والعيون وتوفي ما لايقل عن ستة اطفال بالتسمم الحاد يظهر علي الطفل تشنج ينتهي بالموت وتوفيت فتاة عمرها 18 عاما بالسرطان."
وقد سجلت العديد من حالات نفوق الحيوانات وبدأت تسجل مستشفي الحصاحيصا العديد من الحالات لمستعصية علي العلاج والتي تنتهي بالوفاة واصبح السكوت علي هذا الامر غير محتمل فبدأت السلطات في التدخل لاحتواء الامر حتي لايزيد من الحملة المعادية علي النظام والذي ظل معزولا داخليا وخارجيا. حماقة النظام ومكابرته اسهمت في مضاعفة الاثار الخطيرة والمتزايدة لهذه الكارثة. لم تقم الحكومة بالاعلان لهذه الكارثة بالقدر الذي يدفع بالمتطوعين والمانحين من تشكيل حملة عالمية لانقاذ اهل الحصاحيصا من هذه الكارثة والتي يدفعون ثمنا لها ارواحهم وصحتهم واجيالهم القادمة . من ضمن الممارسات الخاطئة تعاملت الحكومة مع هذه القضية من منظور حماية النظام علي حساب حماية البيئة ,حيث قامت بمنع العدبد من المنظمات العا لمية من الاقتراب من الموقع وصادرت سجلات من تم ايقافهم ولم يسلم من ذلك حتي طلاب الجامعات
( طالبات كلية الاحفاد الجامعية الائي تعرضن للتوقيف والتحقيق من قبل سلطات الامن بالحصاحيصا) الذين توافدوا علي المنطقة لتجميع البيانات والافادات التي قد تكون معينا لدرء آثار هذه الكارثة . قامت ادارة المشروع في اعادة مسلسل المعالجات الخاطئة حيث تم استقطاب دعما بواسطة بعض الهيئات الاممية لتتم ( بعزقة) الدعم المالي في بناء سور وبطريقة غير علمية و اقل ما يمكن وصفه بالبدائي علي حسب ما جاء في تقريرد. عيسي محمد عبداللطيف من متحف التاريخ الطبيعي بجامعة الخرطوم حول معالجات مشكلة مبيدات الحصاحيصا المقدم لجهات عديدة من ضمنها المجلس الوطني الانتقالي وذلك بتاريخ 11/11/1995 . بدأ يتضاعف تركيز التشبع في المياه الجوفية لتبدأ مراحل الموت البطىْ لمواطني المدينة من جراء تلوث مياه المدينة والمنطقة الشمالية علي وجه الخصوص حيث تم رصد اربعة حالات وفاة بالسرطان في شهر رمضان المنصرم وحده بالاضافة الي الحالات الاخري غير المعلنة وتزايد حالات الفشل الكلوي و الاصابة بسرطان الثدي وحالات الاجهاض المتكررة و المفاهيم الخاطئة حول السرطان المرض الفتاك جعلت الكثيرون يخفونه ليكابدوا في صمت ومعاناة.
بعد انقضاء عقدين من الزمان علي حدوث هذه الكارثة الا ان مقبرة المبيدات ماتزال نشطة وترسل في تحذيرات الخطر وعند قيامي بالتقاط بعض الصور من موقع المقبرة لهذا التقرير بدأت شخصيا اشعر بحالات من هرش في جميع انحاء جسمي وشعور بالغثيان واحمرار في العين وضيق في التنفس علي الرغم من اني لم امكث سوي بضع دقائق.
كوارث اخري:
اصبحت مدينة الحصاحيصا محاصرة من جميع الجهات بالكوارث حيث تتسبب ادارة مشروع الجزيرة في خلق مستعمرة لتوالد البعوض وبيئة صالحة لاستيطان الملاريا من خلال الترع المنتشرة داخل مساحة المحالج لمكافحة الحرائق الا ان ركود المياه في هذه الترع وتساقط الاقطان في الترع والميادين جعل من توالد البعوض الناقل للملاريا مصدر يهدد حياة مواطني المدينة وان من الواجب ان تقوم السلطات المحلية بتصحيح الوضع مع ادارة المشروع التي ادمنت تسبيب الاذي لمواطني الحصاحيصا وانشغال السلطات المحلية باثقال كاهل المواطن بمزيد من الاعباء والاتاوات والجبايات .
وجود اكبر منطقة صناعية في شمال المدينة اختلطت مع التمدد السكاني دون ان يفصلهما محمية طبيعية خلق وضعا بيئيا خطيرا وذلك من جراء قيام العديد من المصانع باستخدام الطاقة الرخيصة الثمن للتشغيل وذلك عن طريق حرق اطارات السيارات كوقود بالاضافة الي المخلفات الاخري والتي تبعث الغازات السامة لبلا ونهارا بالاضافة الي الروائح الكريهة المنبعثة من بعض الصناعات التي تعتمد علي مراحل من التخمر ومياه الصرف الصناعي الاسنة كل ذلك ادي الي ظهوروتفشي العديد من الاصابات بامراض البو والحساسية والتهاب الجيوب الانفية وتساقط الشعر بفعل المطر الحمضي في تلك النواحي.
لم تبذل المحلية اي جهد في ازالة او الغاء مقلب النفايات الذي اصبح يتوسط احياء المدينة مسببا الكثير من الامراض من جراء انبعاث الابخرة والدخان والنقص الدائم للاكسجين بالنسنة للاحياء المجاورة اضافة الي المظهر الغير حضاري اذ ان هذه الحفرة اصبحت في مدخل المدينة.
الختام:
الوضع البيئي ينذر بالعديد من المخاطر التي تهدد حياة المواطن وتؤثر علي الانتاج والانتاجية وكذلك تؤثر علي متوسط عمر انسان المدينة ويخلق حالة من الاحباط والقلق وعدم الرغبة في التفكير السليم لمستقبل افضل وتذهب كل مدخرات الاسر في مكافحة اثار هذه الكوارث وسط غياب تام للسلطات والمسئولين في مؤسسات الدولة المختلفة . غياب المسئولين في محلية الحصاحيصا وعلي راسهم نائب دائرة الحصاحيصا في المؤتمر الوطني( والذي لااحد هنا يعرفه) لايعفيهم من المسئولية والمساءلة لان الوضع جد خطير ويتطلب اثارة ذلك كمسالة مستعجلة في البرلمان علي وجه السرعة.
من ملفات اخي حسن
شكرا ليك اخي حسن
hgpwhpdwh h;fv lrfvm gglfd]hj td htvdrdh
المواضيع المتشابهه
الحصاحيصا اكبر مقبرة للمبيدات في افريقيا
العرض الشجري