الاخ صديق
موضوع جميل هو في الحقيقة يشير إلى احد اهم ركائز الدين الاسلامي ووسطيته بين المذاهب الروحية الزاهدة في ماديات الدنيا والمذاهب التي تنغمس تماما في الدنيا ومادياتها المختلفة.
ويقال ان ثنائية الكون الملاحظة والمنعكسة في كل شيئ تقريبا (خلا الله سبحانه وتعالى الواحد الاحد )تحكم سلوك وتصرف كل الخلائق. والانسان على وجه الخصوص يقوم على رجلين حسيتين تشير إحداهما المادة الكثيفة (طينة الانسان والتي تحوي كل انواع المعادن والعناصر وووووو) والرجل الاخرى تشير إلى روحه (الروح السامية اللطيفة)
ويحصل التوازن المطلوب في الاسلام بل وفي الحياة عموما عندما تتوازن الرجلين وتستقيمات فلا تتقدم احداهما عن الاخرى أي عندما تتساوى كفتي الروح اللطيفة والمادة الكثيفة. إذ انه لو تقدمت رجل المادة على رجل الروح لانغمس الناس في الماديات وصارت موازين حكمهم مادية ونظرتهم للاشياء مادية وحكمهم وعلاقاتهم مبنية على الماديات الصرفة.
أما في المقابل لو تقدمت رجل الروح لانصرف الناس عن استعمار الكون وتركوا خلافة الله التي خلقهم من اجلها وهي اعمار كونه سبحانه وتعالى ومن ثم يكون حكمهم على الناس والكون من هذا المنظور الروحي المتسامي وفيه ما فيه من الشدة في الحكم.
ولذلك فكأنما الحياة التي ارادها الله لعبادة هي حياة تتوازن فيها المادة والروح مثل الانسان الذي تنعكسان فيه بصورة واضحة لا تقبل الجدل. وفي هذا الاطار يدخل قول الله سبحانه وتعالى وجعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس (أي بحكم وسطيتكم تكونوا شهداء على من غلب المادة في طرف وعلى من غلب الروح في الطرف الاخر)
وكذلك قوله سبحانه في سورة الفاتحة " اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم (اليهود وتغليبهم للدنيا والماديات) ولا الضالين ( النصارى وتغليبهم للروحانيات)
ويستتبع ذلك قوله سبحانه في حق النصارى في سورة الحديد " ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم الا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها"
وينبغي ان ننظر لتصرف المجتمعات المعاصرة وفق هذا المنظور الاسلامي
وعلى كل فالموضوع طويل وجميل جزاك الله خيرا وللاخوان والاخوات المعقبين