ذا جاز لنا أن نصنف هذا الموضوع الحواري بين الصديقين عبد السلام والفاتح فهو من أروع المساجلات التي ظهرت على هذا المنتدى وأكثرها متابعة (هذا إذا استثنينا كتابات الاخ العزيز عبد المنعم سعيد). وأظن أن ذلك راجع إلى صدق اراء ومواقف الطرفين وكذلك تشجيع الاخوان جميعا وخاصة حاتم الذي نجح في توفير الامدادات والذخائر المرجعية للطرفين.
وقد تابعت الموضوع من أول يوم واذا جوزت لنفسي ان أدلو بدلو صغير في الموضوع فاني أبدأ بتلخيص موقف الطرفين في التالي (مع تجاهل التفاصيل والحيثيات والمستندات اللغوية):
- الأخ عبد السلام يرفض وبشدة الواقع العاطفي لحواء السودانية ويصفة بالفقر والبرود وما إلى ذلك من صفات ربما تجلب عليه غضب بنات حواء
- الاخ الفاتح يعترف بهذا الواقع العاطفي ولكن يبرره ويدافع عنه ويرى أن هذا الواقع مفروض على حواء السودانية. ويتجلى ذلك بوضوح في عبارته المعبرة" هل كان يمكن لجين موريس أن تقول كلامها دا لو عايشة في هكذا مشهد"
,اريد أن أورد هنا موقفا تاريخيا ربما يستند عليه أي من الطرفين كتأييد لموقفه (ولو كان أقرب لتاييد كلام الاخ الفاتح). والحادثة كما يعرفها الكثيرون حدثت في عهد أحد خلفاء العباسيين في بغداد (وأظنه المنصور) إذ يروى أن الشاعر علي بن الجهم جاء بغداد إلى بلاط الخليفة فمدحه قائلا:
(( أنت كالكلب في الوفاء وكالتيس في قراع الخطوب))
فعنفه الحضور والحاشية وهاجموه وانتقدوا وصفه للخليفة وتشبيهه له بالتيس والكلب. ولكن الخليفة كان له راي اخر فأسكنه واستضافه في قصر على نهر دجلة لفترة خبر فيها العيش الرغيد وخضرة وماء النهر ثم جاء إلى بلاط ومجلس الخليفه لإانشد يقول:
(( عيون المها بين الرصافة والجسر جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري)))
فانظر كيف أثرت البيئة عل حس وتعامل هذا الشاعر الذي إنتقل من البادية وتيوسها إلى رصافة بغداد وخضرتها.
من هذا الجانب يمكن أن نقول [ان الانسان ابن بيئته وكذلك حواء السودانية. فلو توفرت لها بيئة جين موريس لربما أمطرت ادم السوداني بسحائب تمطر عواطفا ينتظرها أوادم السودان من أمثال عبد السلام والمحبطون.
ومع ذلك فقد خطت حواء السودانية علميا وثقافيا وعمليا خطوات لا تجعلها ببعيدة عن عالم جين موريس ورغم ذلك لم يكن الحصاد بقدر التقدم الذي حصل والا لما اشتكى عبد السلام والاوادم.
وقد نجد فكا لهذا الاشتباك فيما قاله العقاد عن أن المرأة تجتمع أو تنفصل فيها نماذج كثيرة أجملها العقاد في خمسة نماذج هي:
1- المرأة الام - وتتجلى عواطفها وتنحصر في عاطفة الامومة التي أشبعها لها الرجل فلذلك قالت حسنة بنت محمود وعبرت عن عاطفتها في أبو وليداتي - كما قال الفاتح
2- المرأة الزوج - وتتجلى عواطفها وتقديرها للرجل بحسب ما وفر لها من معيشة منزلية ومظاهر إجتماعية ولذلك تعبر عن تقديرها للرجل في ذلك النطاق (تقول أحيانا ما ناقصني ايتها حاجة)
3- المرأة العاشقة- وتتجلى عواطفها من هذا الشعور وهذه أظن ما يبحث عنه عبد السلام وغيره من أوادم السودان (مع أن بيئة السودان المحافظة ربما لا تساعد المرأة في التعبير عن ذلك)
4- المرأة الهلوك - وهذه تحب الرجل كطرف يشبع عواطفها الجسدية
5- المرأة اللعوب - وهذه تحب الرجل الذي يرضى فيها صفة اللعب والدعابة والغزل الصاخب وتبادله ذلك.
وفي ظني أن تقسيمات العقاد هذه ربما تقدم حلا لما نجده من إشكالات في تصنيف المرأة. وعليه فإن المرأة يمكن أن تكون أي واحدة من هذه الاصناف وتكون معبرة عن حالها تلك من غير نقصان. فإذا وجدت المرأة تعبر لك عن عواطف معينة فأبحث عنها تحت واحدة من هذه وعندها ستعرف أي حواء عندك.
ورغم ذلك تظل هناك عدة أسئلة عن حواء السودانية بلا إجابة مقنعة.
واصلوا النقاش والحوار