دور الجهاز المصرفي في التنمية
تحدث الحروب تغيرات تنعكس سلباً على اقتصاديات الدولة وتترك آثاراً على قضايا التنمية للدولة المعنية.
لذا لابد للسودان أن يتحرك بعد إيقاف نزيف الحرب واحداث تنمية اقتصادية لأن الاطراف المتصالحة تريد أن ترى نتائج ايجابية وبناءً تنموياً جديداً وهذه تزيد العبء على الدولة لأن معوقات التنمية يمكن أن تكون سبباً للصراع مجدداً وبما أن السودان مقبل على مرحلة جديدة تتطلب التنمية و يقع العبء الأكبر في توفير التمويل اللازم عبر المصارف، ويرى الاقتصاديون ضرورة تحديد دور الجهاز المصرفي في الادخار والتوظيف النقدي وتعاني القطاعات مشكلة التمويل وتتمثل في احجام البنوك في التمويل للقطاع الصناعي وضعف تمويل القطاع الزراعي والتجاري والتمويل قصير ومتوسط المدى وهذا لا يساعد على التنمية ونجد أن البنوك تعاني مشاكل ضعف رأس المال والذي ترتب عليه ضعف التمويل وترجع مشكلة ضعف رأس المال في ضعف الودائع الراجعة لضعف الثقافة المصرفية والوعي الادخاري وانصراف المصارف من الهدف للمجال الاستثماري في مشروعات سريعة لا يمكن ان تساهم في التنمية ودخولها في شراء شهادات المشاركة الحكومية «شهامة، شمم» كما أن هنالك مشكلة في هيكلة البنوك والتعظيم الاداري والتي وضحت جلياً في الاحجام عن تمويل صندوق الاستثمار التجاري قيمته 500 مليون الأمر الذي برره البنك المركزي بعدم فهم المستثمرين لرسالة الصندوق، غير أن الوقائع تقول غير ذلك ولابد هنا للاشارة لضرورة تمويل الصندوق في مرحلة السلام التي يعيشها السودان.
وتعاني البنوك أيضاً مشكلة التدخل الحكومي في سياسات القطاع المصرفي الى جانب عدم التزام البنوك بالترخيص الذي يليها رغم وجود مسميات «زراعي، صناعي، تنمية» ويمكن هنا القول بإن المشكلة الاساسية نمط التفكير الاداري لدى الدولة هى التي تحدد النشاط وفعاليته كما أن دول العالم الثالث وخاصة السودان تعاني من وجود الكتلة النقدية خارج الجهاز المصرفي.
وفيما تتطلب قضية رأس مال المصارف ايجاد المعالجة يقول تاج السر توتو الاستاذ بجامعة السودان إنه يمكن ذلك بالرجوع للتجربة التي حدثت خارج السودان إبان الثورة الصناعية بتعظيم رأس المال وعائدات الارباح من قبل المصارف بعملية الاحتواء والاندماج بهدف مضاعفة المركز المالي ويحذر من فترة الانفتاح الاقتصادي ودخول مصارف ذات مراكز مالية قوية ويشدد على ضرورة النهوض بالجهاز المصرفي.
ونجد أن هنالك عوامل يتوقف عليها الادخار منها ضعف الدخل الفردي في البلدان النامية ونمط الاستهلاك حيث يميل مواطن العالم الثالث لاستهلاك الجزء الأكبر من هذا الدخل ثم يخصص ما تبقى للإدخار كما أن هنالك عوامل سيكلوجية واجتماعية تخلق خوفاً من الادخار المصرفي (عدم ثقة في الحكومات) الى جانب وجود موارد مالية معطلة وهى ما يعرف بالاكتناز بتخصيص جزء من الدخل النقدي ليستغل في قيم «هروبية» تخشى انخفاض قيمة النقود مثل شراء الأرض والذهب.
وإزاء كل ذلك تحتم الضرورة ايجاد كيفية من الجهاز للتعامل مع هذه العوامل التقليدية ويشير توتو لضرورة تبسيط اجراءات فتح حسابات جارية وحسابات ادخار لذوي الدخول المنخفضة وتقديم سندات ذات سيولة مرتفعة وذات عائد مجزي يدفع الى التضحية بالاستهلاك ويرى ضرورة وضع سياسة نقدية متوازية من جانب البنوك التجارية وتعاون البنك المركزي على أن تضع الخزانة العامة للدولة خطة فعالة تهدف لتثبيت قيمة العملة لتحويل المبالغ المكتنزة الى ادخارات لزيادة عرض رأس المال لزيادة التمويل المطلوب ويستطيع الجهاز المصرفي تشجيع الافراد والمشروعات على تقديم الادخارات ومنع تسرب رؤوس الاموال الى الخارج.
وبما أن للجهاز المصرفي في الاقتصاد مهاماً فتختلف مهام الجهاز المصرفي بالنسبة لاقتصاديات الدول النامية والمتخلفة وتتمثل مهمته في مراقبة وتنظيم حركة الادخارات وتوجيهها من خلال الفائض النقدي نحو القطاعات الصناعية والتجارية.
ونسبة لأن الجميع يعزو ضعف التمويل المصرفي لضعف الودائع وضعف وضآلة الادخار الكلي يمكن حل المشكلة عن طريق توفير فرص التوظيف والاستثمار وتحفيز الميل نحو الاستثمار ويحدد توتو المطلوب في توفير وتوسيع فرص الاستثمار وتوسيع السوق واللجوء الى المشروعات المشتركة تنمية سوق رأس المال والتحكم في أسعار الفائدة.
وباجراء مقارنة بين أداء الجهاز المصرفي ودوره في الاقتصاديات المتنامية والاقتصادية المتقدمة نجد أن في الدول المتقدمة توظف الجزء الأكبر من الادخارات خاصة في التجارة الخارجية ويتم تمويل السلع الاستهلاكية على حساب الصناعة والانتاج.
وتقاس قدرة الجهاز المصرفي على المساهمة في التنمية الاقتصادية بالقدرة على تعويض العجز في الادخار المحلي عن طريق تنظيم علمي وتعبئة المدخرات ووجود بنك مركزي فعال وليس مجرد مؤسسة للاصدار وتتمثل فعاليته في تحديد الاهداف ووضع السياسات النقدية بوضع خطط مالية ونقدية طويلة الأجل للتمكين من احداث التغيير بالاضافة الى التدخل في السوق النقدية لتوجيه الادخارات وتوفير سيولة الاستثمارات بالاضافة لتحقيق الاستقرار النقدي وثبات الاسعار ومراقبة
],v hg[ih. hglwvtd td hgjkldm