بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
شكرا جزيلا اخي هاشم الدليل علي مرورك و تعقيبك على موضوع تأثير الاسم علي الحالة النفسية و اتمنى ان يكون رواد منتديات ابوفروع في تواصل مستمر لأن من ضمن فوائد هذه الموضوعات التي ندرجها هي الترابط و التواصل.
-------------------------------------
عن أبي هريرة إذا بعثتم إلي رجلا فابعثوه حسن الوجه حسن الاسم قال ابن الملك فالسنة أن يختار الإنسان لولده وخادمه من الأسماء الحسنة فإن الأسماء المكروهة قد توافق القدر كما لو سمي أحد ابنه بخسار فربما جرى قضاء الله بأن يلحق بذلك الرجل أو ابنه خسار فيعتقد بعض الناس أن ذلك بسبب اسمه فيتشاءمون ويحترزون عن مجالسته ومواصلته وفي شرح السنة ينبغي للإنسان أن يختار لولده وخدمه الأسماء الحسنة فإن الأسماء المكروهة قد توافق القدر روي عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لِرَجُلٍ : مَا اسْمُكَ ؟ فَقَالَ : جَمْرَةُ. فَقَالَ : ابْنُ مَنْ ؟ فَقَالَ : ابْنُ شِهَابٍ. قَالَ : مِمَّنْ؟ قَالَ : مِنَ الْحُرَقَةِ. قَالَ : أَيْنَ مَسْكَنُكَ ؟ قَالَ : بِحَرَّةِ النَّارِ. قَالَ : بِأَيِّهَا ؟ قَالَ: بِذَاتِ لَظًى. قَالَ عُمَرُ : أَدْرِكْ أَهْلَكَ فَقَدِ احْتَرَقُوا. قَالَ : فَكَانَ كَمَا قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضى الله عنه .ا.هـ
ولعل في هذا المعنى ما قيل إن الأسماء تنزل من السماء فالحديث في الجملة يرد على ما في الجاهلية من تسمية أولادهم بأسماء قبيحة ككلب وأسد وذئب وعبيدهم براشد ونجيح ونحوهما معللين بأن أبناءنا لأعدائنا وخدمنا لأنفسنا وإذا دخل قرية سأل عن اسمها فإن أعجبه اسمها فرح أي به كما في الأصل الأصح أي باسمها وفي نسخة بها أي بتلك القرية أو باسمها على تقدير مضاف أو اكتسب تأنيث من المضاف إليه ورئي بنسر ذلك في وجهه وإن كره اسمها رئي كراهية ذلك في وجهه ليس في الحديث أنه كان يتطير بالأسماء القبيحة كما يوهمه إيراده في الباب فإن محله باب الأسماء وكان المصنف راعي صدر الحديث فأورده اعتمادا على دلالته نفي التطير مطلقا ]
وكان المصطفى صلى الله عليه وسلم يشتد عليه الاسم القبيح ويكرهه من مكان أو قبيلة أو جبل أو شخص ومن تأمل معاني السنة وجد معاني الأسماء مرتبطة بمسمياتها حتى كأن معانيها مأخوذة منها وكأن الأسماء مشتقة منها ، ألا ترى إلى خبر « أَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ وَغِفَارٌ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا وَعُصَيَّةُ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ » ومما يدل على تأثير الأسماء في مسمياتها خبر البخاري عن عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَاهُ جَاءَ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « مَا اسْمُكَ » . قَالَ حَزْنٌ . قَالَ « أَنْتَ سَهْلٌ » . قَالَ لاَ أُغَيِّرُ اسْمًا سَمَّانِيهِ أَبِى . قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ فَمَا زَالَتِ الْحُزُونَةُ فِينَا بَعْدُ ، والحزونة الغلظة قال ابن جني : مر بي دهر وأنا أسمى الاسم لا أدري معناه إلا من لفظه ثم أكشفه فإذا هو كذلك قال
ابن تيمية : وأنا يقع لي كثيرا.
وقد تقدم ما يدل على ذلك من وجوه أحدهما قول سعيد بن المسيب ما زالت فينا تلك الحزونة وهي التي حصلت من تسمية الجد بحزن وقد تقدم قول عمر لجمرة بن شهاب أدرك أهلك فقد احترقوا ومنع النبي من كان اسمه حربا أو مرة أن يحلب الشاة تلك التي أراد حلبها [ 1 ] وشواهد ذلك كثيرة جدا فقل أن ترى اسما قبيحا إلا وهو على مسمى قبيح كما قيل
وقل ما أبصرت عيناك ذا لقب ... إلا ومعناه إن فكرت في لقبه
والله سبحانه بحكمته في قضائه وقدره يلهم النفوس أن تضع الأسماء على حسب مسمياتها لتناسب حكمته تعالى بين اللفظ ومعناه كما تناسبت بين الأسباب ومسبباتها قال أبو الفتح ابن جني ولقد مر بي دهر وأنا أسمع الاسم لا أدري معناه فآخذ معناه من لفظه ثم أكشفه فإذا هو ذلك بعينه أو قريب منه
فذكرت ذلك لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله فقال وأنا يقع لي ذلك كثيرا وقد تقدم قوله أسلم سالمها الله وغفار غفر الله لها وعصية عصت الله ورسوله ولما أسلم وحشي قاتل حمزة وقف بين يدي النبي فكره اسمه وفعله وقال غيب وجهك عني
وبالجملة فألاخلاق والأعمال والأفعال القبيحة تستدعي أسماء تناسبها وأضدادها تستدعي أسماء تناسبها وكما أن ذلك ثابت في أسماء الأوصاف فهو كذلك في أسماء الأعلام وما سمي رسول الله محمدا وأحمد إلا لكثرة خصال الحمد فيه ولهذا كان لواء الحمد بيده وأمته الحمادون وهو أعظم الخلق حمدا لربه تعالى ولهذا أمر رسول الله بتحسين الأسماء فقال حسنوا أسماءكم فإن صاحب الاسم الحسن قد يستحي من اسمه وقد يحمله اسمه على فعل ما يناسبه وترك ما يضاده ولهذى ترى أكثر السفل أسماؤهم تناسبهم وأكثر العلية أسماؤهم تناسبهم وبالله التوفيق ]ا.هـ
----------------------------------------
[1] يقصد ما رواه مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لِلَقْحَةٍ تُحْلَبُ « مَنْ يَحْلُبُ هَذِهِ ». فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَا اسْمُكَ ». فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ مُرَّةُ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « اجْلِسْ ». ثُمَّ قَالَ « مَنْ يَحْلُبُ هَذِهِ ». فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَا اسْمُكَ ». فَقَالَ حَرْبٌ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « اجْلِسْ ».
ثُمَّ قَالَ « مَنْ يَحْلُبُ هَذِهِ ». فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَا اسْمُكَ ». فَقَالَ يَعِيشُ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « احْلُبْ ».
منقول