http://alakhbar.sd/details.php?articleid=4175
البطاحين..أراضينا... خطوط حمراء
المواطنون يعتبرون ما تم من نزع دون علمهم ظلماً وافتراء
تحرير وتصوير: صفية الصديق: أصابع الاتهام تشير إلى مستثمر يدعي أنه مسنود من نافذين
النزع تمّ منذ العام 2006م ولم يُخطر الملاك إلا في يوليو الحالي
مُنذ العام 1925م أقرّ لهم الحكم الإنجليزي بأحقيتهم في أراضيهم، وأقرها لهم مِلكاً حُراً مُنذ التسوية الأولى التي وضعها المُهندس الإنجليزي (مستر كوك) وأخرى مساحات زراعية عبارة عن أراضٍ حِكر حكومية استصلحها الأهالي بمُقابل مادي للحكومة، هي أراضي قرية البطاحين (شمالي الحصاحيصا) والتي تقبع غرب القرية وغرب ظلط (الخرطوم- مدني)، أراضٍ مُنتجة وخصِبة يستخدمها أصحابها كمشاريع إعاشة يزرعون فيها مُختلف أنواع المحاصيل؛ إلا أنه وفيما يبدو أن عيون المستثمرين (الزائغة) طالت حتى حرم تلك القرية الهادئة وتعدت على حقوق مواطنين أقرها لهم قانون المُستعمِر!!.. ماذا حدث؟.. تابعوا ذلك عبر المساحة التالية..
مطامِع استثمارية..
يمتلكونها حتماً بموجب شهادات بحث وموثقة باسم مالكيها لدى سجلات الأراضي بالحصاحيصا؛ مساحة ليست بالهينة فهي عبارة عن (150) فداناً مملوكة ملكاً حراً لمواطني القرية و(100) فدان أخرى عبارة عن مساحة حِكر حكومي يقومون بدفع إجارتها مُقابل رسم شهري لصالح وزارة الزراعة، لم يكن يتوقع أصحابها أنه في يوم ما سيأتي ليستلب منهم حق أصيل توارثوه أباً عن جد لمئات السنين سواء في أراضي الحِكر أو الملك الحُر، كانوا يعتقدون أنهم يعيشون في دولة تحتكم للقانون وليس محليات يسيل لعابها لمجرد رؤيتها مساحات أو أراضٍ خالية لتجني منها أموالاً طائلة، ليكون المقابل هو سلب حقوق من يفتحون منها بيوتاً، غير هذا فهي أراضٍ زراعية خصبة وإن كانت سياسة الدولة هي النهضة الزراعية كما يسمونها فهي بذات المِعول الذي تحفر لتؤسس به مشاريع زراعية ناجحة تهدم به أخرى أكثر نجاحاً وإصحاحاً، إلا أن التخبط وعدم تكامُل الرؤى يبدو واضحاً لتعلو المطامع الاستثمارية على السياسات والرؤى الإستراتيجية لمستقبل بلد قطع كل المراقبين أن نهضته تتوقف على النهوض بالزراعة، ويأتي الرهان على ولاية الجزيرة حتماً بمشروعها الأضخم في العالم وبأراضيها التي خارج نطاقه، فبينما يُنازِع مالكو الأراضي بمشروع الجزيرة في إثبات حقهم واقتلاعه ممن أرادوا التغول عليه بحجة خصخصة المشروع، تبرز قضية مالكي الأراضي بقرية البطاحين للسطح، علماً بأن مساحتهم التي تم الاستيلاء عليها لا تقع ضمن مساحات مشروع الجزيرة (سكنوا هذه المنطقة قبل قيام المشروع) إلا أنه يبدو واضحاً اتساع المطامع في الأرض التي هي حتماً لدى مواطني البطاحين تعني العِرض والولد..
نزع مُخالِف..
كما سبق وفي الأساس هي عبارة عن أراضٍ زراعية وليست سكنية، ليأتي الإعلان والذي كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير ناصاً على: (يعلن ضابط النزع والتسوية للأراضي الزراعية بمربوع أبو فروع والطالباب "البطاحين تقع وسط هاتين القريتين" المتأثرة بالامتداد الشمالي لمدينة الحصاحيصا السادة المُلاك أو وكلاءهم الحضور أمام مكتب النزع والتسوية بمباني الشؤون الهندسية بالحصاحيصا في الفترة من "7-21 يونيو 20011م" بخصوص إجراءات التسوية)، تم الإعلان عن نزع أراضيهم والحضور للتسوية، وستظن عزيزي القارئ أن هنالك ترتيباً واتفاقاً مُسبقاً بين الطرفين ورضا بما تم لتكتشف أن نزع هذه الأراضي تمّ منذ العام 2006م بتوزيع المشاريع الزراعية كخطة إسكانية امتداداً لمدينة الحصاحيصا دون علم أصحابها، ويتفاجأوا بنزع أراضيهم التي يملكونها دون علمهم أو حتى إخطارهم بمواعيد النزع أو على أقل الفروض التشاور معهم حول هذه الخطة باعتبارهم أصحاب حق في المقام الأول ليطلقوا مقولة طابقت واقع سلب أراضيهم مفادها، أن الفساد الإداري بالحصاحيصا يستولي على أراضي البطاحين بغير وجه حق، حيث قامت السلطات بمحلية الحصاحيصا بالإعلان عن خطة إسكانية شمال الحصاحيصا في المنطقة الواقعة شمال سوق شعبي الكودة داخل قرية البطاحين، بحيث تم الإعلان عن (قلع الأراضي) عبر الصحف اليومية ما أذهل ساكني القرية وكانت مفاجأة غير سارة لهم لا لشيء سوى أن أراضيهم وُزِعت دون علمهم وكأنهم ولاة أمر أماتهم الله وساكنو الحصاحيصا ورثتهم، أقدم كبارهم على توزيع الحقوق قبل إكمال مراسم العزاء، وإن كانوا ورثة فالورِثة ذاتها يتم توزيعها بموجب قانون، وفي كثير من الأحيان توافقياً ناهيك عن سلب أراضٍ بطريقة (النزع المُصلح) دون وجه حق كما اعتبرها أهل البطاحين..
نحن أحق بها..
العم عبد الرحمن أحمد سعيد لديه ارتباط بأرضه يضاهي ارتباط روحه بجسده، فمنذ أن تفتحت عيناه وهو يتمسك بإرث تاريخي له في أرضه التي ينتج منها ما يكفيه شر العوز والحاجة، ارتباطه بأرضه هو ذاته ارتباطه بالقانون والحق ويتمسك تماماً بأن يأخذ القانون مجراه ليمضي في الحديث كحد السيف متمسكاً بأن من حقهم الحصول على قرار النزع على رغم تعنُت الجهات الرسمية. ويمسك عنه زمام الحديث علي عوض الكريم معرجاً إلى أن ما تمّ هو عمل مشين جداً (ما أدوا خبر لي صاحب ملك حر ولا حكر ولا غيرو)، وقال: إن كانت الحصاحيصا تحتاج لحرم قريتنا كمساكن فنحن أحوج منها إلى الأرض، نسبة لأن لدينا مُقترحاً لإقامة نادٍ ومركز صحي لم نجد لهما مساحة لنشيدهما عليها ولدينا مدرسة ننوي في المُستقبل أن نقوم بتوسعتها لنهرين، إضافة لتشييد سكن للمعلمين، فإن كنا نريد أن نستخدم أراضينا الزراعية لأغراض سكنية فنحن الأولى بها، ففي المقام الأول لا يمكننا أن نوافق على نزع أراضٍ خصبة تخصنا لخطة إسكانية فالقرية بأكملها بها فقط (حواشتين) تتبعان لمشروع الجزيرة، وتوجد لدينا أراضٍ بحرية على امتداد النيل الأزرق، فمعاشنا ومعاش ثروتنا الحيوانية مرتبط بهذه الأرض التي شيدنا عليها آبار مياه (تعمل بالديزل والكهرباء) ندفع عليها إيجارات سنوية للوحدة الإدارية بأبي عُشر، كما نقوم بدفع مبلغ لدى مسؤولي وزارة الزراعة بالحصاحيصا لكل هذه المشاريع حسب عدد سنوات الملكية، وفيما يخصني شخصياً أملك أرضاً مشيدة ببئر، ومزروعة حالياً (أبو سبعين) يكفيني مالاً ورعاية لأبقاري، وفي العام الماضي قمت بزراعة نصف المشروع بالسمسم والذرة الشامية، إضافة إلى جميع الخضروات وأتت أُكلها وبذا أدخلنا محاصيل جديدة في المنطقة التي يريدون لها أن تكون سكنية..
تسويف وتسويف..
ويعرج علي عوض الكريم: نحن نعلم جيداً أن هنالك بدائل لهذه الخطة غير أراضينا الزراعية، فهنالك مساحات شرق الظلط وغرب النيل الأزرق تصلح لأن تكون سكنية، علماً بأن الخطة هذه تقع شمال الحصاحيصا أي بمساحة (15) كيلو، وفرق مساحة الحصاحيصا عرضاً لا يزيد عن (5) كيلو متر فكيف يكون بعد الحصاحيصا (5) وامتدادها (15) كيلو؟ إذ لا يستقيم عقلاً تنفيذ خطة ضعف الأرض، إضافة إلى أن هذه المساحات الزراعية لم يمن بها علينا أحد بل توارثناها أباً عن جد وتختلف عن طبيعة الأراضي التي اشتراها المستثمرون الجُدد في الفترة القليلة الماضية، لذا سنعمل بكل ما أوتينا من قوة للحفاظ على إرثنا وحقنا في الأرض، فقد بدا الأمر واضحاً بالنسبة إلينا فور تسلمنا كشف النزع وهو اللجوء للقضاء إلا أنه لا يمكننا بداية الإجراءات القانونية دون أن نتحصل على صورة أصلية من قرار النزع، لكن تبيّن لنا تسويف الجهات الرسمية ومماطلتها في تسليمنا القرار، وقد توجهنا صوب مدير عام الأراضي الذي بدوره أرسلنا للمدير التنفيذي لمكتب والي الجزيرة ليملكنا صورة من قرار النزع ويخطرنا بعدم وجود الوزير، ولأننا نعي حجم قضيتنا لم نبارح المكان وانتظرنا طويلاً إلا أن المدير التنفيذي خيب أملنا برده أنه لا يملك صورة القرار ليردنا لضابط النزع بالحصاحيصا، وهو الآخر نفى حيازته لقرار النزع وقال إنه لا يملك صورة، ووجهنا بالعودة لوالي الجزيرة مرة أخرى، وهي خطوة قمنا بها استباقياً ما يعني أنه لم يعد أمامنا سوى مقابلة مدير عام الأراضي بالحصاحيصا..
سرقة بينة..
نزع الأراضي حسب القانون والعرف لا يتم إلا عبر إخطار أصحاب الحق وتوافقهم على التعويض المناسب أو رفض النزع، وما على النازعين سوى الاستجابة، لأن القانون يعتبر المواطن الذي هو بالتأكيد مالك الأرض خصماً شريفاً تُحسم قضاياه برغبته طالما توافقت مع القانون، فإن أراد التسوية يحددها وتُعطى له (مدبلة) وإن لم يرغب يبقى النقاش حول المصلحة العامة، وبالضرورة فإن المصلحة العامة لا تعني نزع أراضي ملك حر دون علم أصحابها لتقام عليها مساكن يمكن لهم أن يقيموها في مناطق سكنية وكم هي واسعة الباحات التي تصلح لأن تكون سكنية بمنطقة الجزيرة.. وحول قضية نزع أراضي البطاحين يتحدث رئيس اللجنة الشعبية ومسؤول لجنة ملاك الأراضي بالقرية الأستاذ عوض علي سعيد قائلاً: ما حدث يكشف الاستخفاف والتسيب الإداري والتفريط في حقوق المواطن، والسرقة البينة التي تشترك فيها المحلية مع الولاية، والتحايل على القانون والتنصل من المسؤولية التي تهرب الجميع من تحملها بعد أن علموا بأن هنالك خطأ كبيراً أُرتُكِب في حق ملاك هذه الأراضي ومخالفة قوانين النزع. ويروي تفاصيل سعيهم وراء إثبات حقهم: وفي غضون هذا تقدم الملاك في بادئ الأمر بعريضة لمُعتمد محلية الحصاحيصا العميد أمن معاش عبد الرحمن مصطفى بعد أن علموا بالأمر من الإعلان الصحفي الذي نشر باسم المحلية التي بشرت مواطني مدينة الحصاحيصا بالمكسب الذي تحقق بإعلان الخطة الإسكانية، وقد طلب المعتمد مده بالمستندات وكشوفات الملاك و(نمر) الأراضي المسجلة في تسجيلات الأراضي، وقد تم له ذلك ولكن بلا فائدة.. ويزيد رئيس اللجنة الشعبية: أعتبِر أن هذا الإجراء بمثابة اعتداء سافر على أراضينا لن نسمح به وسندافع بكل الطرق القانونية وغيرها إذا لم يفلح القانون في رد حقوقنا المسلوبة.
وعد بلفور..
وفي إطار سعي الملاك لتثبيت حقوقهم اتصلوا بابن القرية (أحد الملاك) الفريق أول محمد عبد الله عويضة والذي قام بمقابلة الوالي وسلمه كافة المستندات التي تؤكد حقوق الملاك، إذ لا يزال المُلاك في انتظار (جودو) الوالي، وقد قامت اللجنة بالاتصال بمدير عام وزارة الزراعة نائب الوزير والذي طلب من رئيس لجنة معاينة الأراضي بالولاية وإحضار جميع الخطط الإسكانية التي أقيمت في الحيازات الزراعية بالولاية والتأكد من الخطط الإسكانية بالولاية، حيث تبين أنه لا توجد أية خطة إسكانية تمّ تصديقها في أرض زراعية بالحصاحيصا وخاصة في منطقة البطاحين، مما يؤكد أن السلطات المحلية بالحصاحيصا اتخذت الإجراء دون إخطار المسؤولين بالولاية، ولم تتبع الإجراءات الصحيحة في النزع، ولم يترك مدير عام الزراعة الأمر يمضي كما هو ووعد الملاك بإرسال مندوب في اليوم التالي وذلك للتحقيق في الأمر ومعاينة الأرض في القرية، وكانت القرية جميعها في انتظار مقدمه، ولكن كالعادة لم يحضر، وقام أحد الملاك بالقرية بمهاتفته ليرد عليهم بالتلفون أنه وبعد التأكد مرة أخرى تبين لهم أن هذه الخطة الإسكانية قد صُدقت وأجيزت قبل حضورهم للوزارة، علماً بأن كل المستندات بالأراضي في الحيازات الزراعية لم تثبت وجود أي تصديق.. ويتبيّن للمُلاك أن كل الأمر دُبِر بليل في الحصاحيصا، خصوصاً وأن أصابع الاتهام تُشير لأحد المُستثمرين الجُدد الذي قام بشراء أراضٍ حول المنطقة في ذات الخُطة، ليتضح الأمر بتردُد الموظفين المعنيين عليه في مخططه السكني المزعوم شمال القرية، ويبين ترصده التام لأهالي القرية فإن هنالك أراضٍ في المنطقة تابعة للحلاوين لم يتم نزعها ولم تدخل في الخطة رغم وجودها داخل امتدادها.. ويستدرك المُلاك فضيحة أخرى تستوجب محاسبة الضالعين فيها لجهة عدم قانونيتها بنزعها من قبل السلطات المحلية لا بتوجيه رئيس الجمهورية أو من يفوضه، متمسكين بسلك كل السبل القانونية.. وفي هذه الإطار يأتي حديث رئيس الجمهورية صادقاً بتصريحه العلني وإقراره بأنه أسوأ قانون للأراضي يمر على السودان في عهد حكومته وفوق أنه أسوأ قانون أقدمت محلية الحصاحيصا على التلاعب به (بس دي يحلوها كيف)؟؟.. لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل افترى (السالب) بأنه مسنود من جهات نافذة، فهل يعني هذا أنه مسنود بمن هو فوق القانون وعدالة الحقوق؟!!..
hgf'hpdk hvhqkh o',' plvhx
البطاحين اراضنا خطوط حمراء
العرض المتطور
