بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
جزاك الله خير الاخت هيفاء محمد يوسف على هذا الموضوع , و بخصوص التنبيه بأن لا نقول : أن هذا من أهل النار و هذا من اهل الجنة , انسخ هذه الاضافة (منقولة) :-
لا تحكم على أحد مات على أنه من أهل الجنة أو اهل النار
---------------------
انّ امر الجنة وأمر النار مرهون بعلم الله وحده, وليس لأحد من العباد مهما وصل من العلم ما وصل أن يجزم على شخص مات أبدا ان كان من أهل النار أو من أهل الجنة, لأنه لا أحد يعلم الحالة التي مات عليها الا الله تبارك وتعالى, فالكافر كما قلنا اذا نطق بالشهادتين قبل موته بلحظات فقد دخل الجنة, وما الحاح النبي صلى الله عليه وسلم على عمه أبو طالب وهو على فراش الموت الا تأكيدا لذلك
وكذلك الأمر بالنسبة للمسلم اذا نطق بكلمة الكفر قبل موته بلحظات فقد دخل النار
وفي الحديث الذي بين أيدينا دليل على عدم القطع لأحد بدخول الجنة وان عمل طول حياته بسائر أعمال البرّ, وأيضا عدم القطع على أحد بدخول النار وان عمل طول حياته بسائر أعمال الفسق والشر, وعلينا جميع نحنن عباد الله ألا نتكل على أعمالنا, فالعمل وحده لا يدخل الجنة, بل لا بدّ أن يكون هناك حسن الظن بالله تبارك وتعالى وبرحمته عزوجل, فهي السبيل الوحيد لفتح باب الجنان, وعلى هذا فلا يجب على الانسان أن يعجب بعمله, لأنه لا يدري ما تكون خاتمته, لذا فانه ينبغي لكل منا مهما كان عمله أن يواظب على سؤال الله سبحانه وتعالى بحسن الخاتمة, وأن يستعيذ به سبحانه وتعالى من سوء الخاتمة وشرّ العاقبة, ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة حيث قال للسيدة عائشة رضي الله عنها: من نوقش الحساب فقد عذب, قالت رضي الله عنها: حتى أنت يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال عليه الصلاة والسلام: حتى أنا..الا أن يتغمدّني الله برحمته
ولنا أيضا في سيدا كهول أهل الجنة ابو بكر وعمر رضي الله عنهما المثل الأعلى بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم, فابو بكر رضي الله عنه الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: لو وزن ايمان الأمة بايمان أبو بكر لرجح ايمان أبو بكر, ومع ذلك قال رضي الله عنه: لو كانت احدى قدمي في الجنة ما أمنت مكر الله - أي انتقام الله منه على ذنب يكون قد عمله , وعمر بن الخطاب رضي الله عنه والذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: لو كان نبيا بعدي لكان عمر بن الخطاب, ومع كل هذا نجده يقول رضي الله عنه: لو نادى مناد يوم القيامة أنّ كل عباد الله يدخلون الجنة الا واحدا لخشيت أن أكون أنا ذلك الواحد
وهكذا الرجاء والخوف من الله عزوجل يجب أن يكون ملازما للانسان المؤمن وألا يتكل على عمله, مع الثقة وحسن الظن به عزوجل بأننا لا نثق الا برحمته سبحانه وتعالى , تماما كما في قوله تعالى في سورة مريم 87
لا يملكون الشفاعة الا من اتخذ عند الرحمن عهدا
والعهد هنا هو شهادة أن لا الا الله وحده لا شريك له , فمن قام بحق هذه الشهادة العظيمة, بحيث يبرأ الى الله عزوجل من كل الحول والقوة, وألا يرجو الا الله عزوجل وحده لا شريك له, فانه يكون قد اتخذ عند الله عهدا, ويكون قد تحقق فيه قوله تبارك وتعالى
وكان ابن مسعود رضي الله عنه قد أوصى أصحابه الكرام بأن يتخذوا عند الله تعالى عهدا , وقال لهم قولوا
اللهم فاطر السموات والأرض..عالم الغيب والشهادة...اني أعهد اليك في هذه الحياة الدنيا: انك ان تكلني الى عملي , فانه يقربني الى الشرّ ويباعدني عن الخير.. ولا أثق الا برحمتك, فاجعل لي عندك عهدا تؤديه اليّ يوم القيامة, انك لا تخلف الميعاد
وعلينا كمسلمين أن نحيا على شهادة أن لا اله الا الله وحده لا شريك له مقرونا بالعمل الصالح حتى الممات, اذ لا بدّ من العمل الصالح لبلوغ الدرجات العلى , وللنول بحسن الخاتمة
كما في قوله تعالى في سورة الكهف 30 : انّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات انا لا نضيع أجر من أحسن عملا وكقوله تعالى أيضا في سورة الكهف107 : انّ الذين أمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا ولقوله تبارك وتعالى في سورة طه 82 : واني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى
ومن ظاهر هذه الآيات الكريمات نقول أنّ العمل الصالح من المخلص قلبه لله عزوجل مقبولا ان شاء الله, واذا حصل القبول بوعد الكريم يكون الانسان قد أمن على نفسه من سوء الخاتمة ان شاء الله
بشرط أن يكون العمل خالصا لله تبارك وتعالى بعيدا عن أي رياء أو سمعة أو نفاق أو تملق, فلا يقبل الا العمل الخالص لوجه الله الكريم كما في قوله تبارك وتعالى في آية عظيمة ختم بها سورة الكهف
فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا
من تحقق فيه شروط هذه الآية الكريمة في حياته وعند مماته فهو ان شاء الله من أهل السعادة
علينا كبشر الحكم بالظاهر
ذلك أن الباطن وما تخفيه النفس البشرية لا نستطيع الجزم أو الحكم فيه, فهذا أمر مرهون بعلم الله تبارك وتعالى, وفي الحديث الشريف الذي بين أيدينا: أنّ احدكم ليعمل بعمل أهل الجنة: انما هو فيما يبدو لنا وللناس, اي فيما يظهر لنا ولهم من اصلاح في الظاهر, ولكن قد يكون هناك فساد في السريرة وخبثها, وهذه السريرة لا يعلمها الا الله عزوجل, لأجل ذلك لا يمكن للانسان مهما بلغ من العلم علما أن يجزم على حسن أو سواء خاتمة شخص مات أبدا من خلال عمله الظاهر, بل تفويض الأمر كله بتقدير الخالق تبارك وتعالى, وحده سبحانه وتعالى من يعلم الحالة التي مات عليها ذاك الشخص, ووحده عزوجل من يعلم مدى طيبة هذه النفس من خبثها, وهذا ما تجلى في قوله تعالى في آيات عدة في القرآن الكريم نذكر منها على سبيل المثال وان تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله, فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء, والله على كل شيء قدير
وقوله تعالى: يعلم خائنة الأنفس وما تخفي الصدور
فما تخفيه النفس البشرية من طيبة وخبث لا يعلمه الا الله تبارك وتعالى, فنحن بني البشر دائما نتعامل مع الناس على الظاهر, اونحكم عليهم على الظاهر, أما الباطن فهو مرهون بعلم الله وحده تبارك وتعالى , فلا يعلم الغيب الا الله سبحانه وتعالى وحده كما في قوله تعالى: عالم الغيب والشهادة فلا يظهر على غيبه أحدا
انّ الله تبارك وتعالى أمرنا وعلى لسان رسله الكرام عليهم الصلاة والسلام أن نفوض الأمور كلها اليه تبارك وتعالى, ولقد أمر الله عزوجل نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم أن يفوض الأمر كله اليه عزوجل, وان يخبر عن نفسه صلى الله عليه وسلم بأنه لا يعلم الغيب أوالمستقبل , ولا اطلاع لأحد على مكنونات هذا الغيب أو المستقبل الا بما أطلعه الله عليه من وحي , وهذا ما تجلى في قوله تبارك وتعالى في سورة الأعراف 188
قل لا املك لنفسي نفعا ولا ضرا الا ماشاء الله, ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء, ان أنا الا نذير وبشير لقوم يؤمنون
وبأريج هذه الآية الكريمة العطرة نأتي علىختام المشاركة, جعلنا الله واياكم من عباده المخلصين, ونسأله تعالى أن يمنّ علينا أمة التوحيد بحسن الخاتمة, وان يقبضنا اليه سبحانه وتعالى على عمل صالح يستوجب لنا الجنة برحمته سبحانه وتعالى التي وسعت كل شيء, انه على ما يشاء قدير وبالاجابة جدير
سبحان ربك رب العزة عما يصفون * وسلام على المرسلين* والحمد لله رب العالمين
ذنب يدخلك الجنه
العرض المتطور
