منذ /02-24-2010, 07:32 PM
|
#1
|
عضو مميز
|
رقم العضوية :
338
|
|
تاريخ التسجيل :
May 2009
|
|
المكان :
السعودية الرياض
|
|
المشاركات :
601
|
|
لزوم الجماعة
إنَّ غايةَ الإسلام العظمى هي إصلاحُ القلوب وتقويم الأخلاق، فإصلاحُ القلوب بتوحيدِ الله عزّ وجلّ وإفرادِه بالعبادات، ومحبَّة ما يحبُّه الله ويرضاه وبُغض ما يكرهُه الله ويأبَاه من الأقوال والأفعال والأعيان الظاهرة والباطنة، عن النّعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ((إنَّ الحلال بيِّن، وإنَّ الحرامَ بيِّن، وبينهما أمورٌ مشتبِهات، لا يعلمهنَّ كثيرٌ من الناس، فمن اتَّقى الشبهاتِ فقد استبرَأ لدينِه وعرضِه، ومن وقع في الشّبهات وقعَ في الحرام، كالرّاعي يرعَى حول الحمى يوشِك أن يرتَع فيه، ألا وإنَّ لكلّ ملِكٍ حمًى، ألا وإنَّ حمى الله محارمُه، ألا وإنَّ في الجسد مضغة، إذا صلحت صلَح الجسَد كلّه، وإذا فسَدت فسد الجسد كلّه، ألا وهي القلب)) رواه البخاري ومسلم.
كما أنَّ من أعظمِ غاياتِ الشريعةِ الإسلاميّة الكثيرة اجتماعَ الكلمة وألفَة القلوب بين المسلمين؛ لأنّه باجتماع الكلمة وألفةِ القلوب تتحقّقُ مصالح الدّين والدنيا، ويتحقّق التناصرُ والتعاون والتعاضُد، قال الله تعالى( وَٱعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ ٱللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ) وقال تعالى: (وَأَنَّ هَـٰذَا صِرٰطِي مُسْتَقِيمًا فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ) قال تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلْبرِ وَٱلتَّقْوَىٰ وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ) وقال عزّ وجلّ: إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وقال عزّ وجلّ: (فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) وفي الحديث عن النبيّ صلي الله عليه وسلم: ((مثَل المؤمنين في توادّهم وتراحمِهم وتعاطفِهم كمثَل الجسدِ الواحد، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائرُ الجسدِ بالسّهر والحمَّى)) رواه البخاري ومسلم من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما وفي الحديث الآخر: ((المؤمنِ للمؤمن كالبنيان يشُدّ بعضُه بعضاً)) رواه البخاري ومسلم من حديث أبي موسى الأشعري وقال النبيّ صلي الله عليه وسلم: ((من لم يهتمَّ بأمرِ المسلمين فليس منا))
ومِن أعظم ما نهى الله عنه ونهى عنه رسوله لي الله عليه وسلم الفرقةُ والاختلاف، قال الله تعالى: (وَلاَ تَنَـٰزَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَٱصْبِرُواْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ ٱلْبَيّنَـٰتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) وقال عزّ وجلّ: إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِى شَىْء إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ يُنَبّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ) وفي الحديث عن النبي صلي الله عليه وسلم: ((لا تختلفوا فتختلفَ قلوبُكم)) أو قال: ((تختلف وجوهُكم))، وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (الخلاف شرٌّ كلّه)،قال الحسن بن علي رضي الله عنه: (أيّها النّاس، إنَّ الذي تكرَهون في الجماعة خيرٌ مما تحِبّوه في الفرقة)[وهذه المعاني العظيمة واجبة في كلِّ وقتٍ على المسلم، ولكنّها متأكّدة الوجوبِ في أوقاتِ الشدائد والأزمات والفِتن، حفاظاً على حوزة المسلمين وحراسة للملّة والدين؛ لأنَّ اجتماع الكلمة قوّةُ المسلمين، واختلافُ الكلمة ضعفُ المسلمين، ولذلك أمر النبي صلي الله عليه وسلم بلزوم إمامِ المسلمين وجماعتِهم، فعن معاوية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ((من مات وليس له إمامٌ مات ميتةً جاهليّة)) رواه أحمد والطبراني وابن حبان وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسولَ الله صلي الله عليه وسلم يقول: ((من خلع يداً من طاعة لقي الله يومَ القيامة ولا حُجّة له، ومن مات وليس في عنقِه بيعةٌ مات ميتة جاهليّة)) رواه مسلم وعن الحارث الأشعريّ رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: ((أنا آمركم بخمسٍ اللهُ أمرني بهنَّ: بالجماعة وبالسمع والطاعة والهجرة والجهادِ في سبيل الله، فإنّه من خرج من الجماعة قيدَ شبرٍ فقد خلع رِبقةَ الإسلام من عنقه إلى أن يرجِع، ومن دعا بدعوَى الجاهليّة فهو من جُثاءِ جهنم))،قالوا: يا رسول الله، وإن صام وصلى؟! قال: ((وإن صام وصلى وزعَم أنّه مسلم، فادعوا المسلمين بأسمائِهم بما سمّاهم الله عز وجل: المسلمين المؤمنين عبادَ الله عز وجل)) حديث صحيح رواه أحمد والترمذي والحاكم وعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ((ثلاثة لا تَسْأل عنهم: رجل فارَق الجماعة وعصى إمامَه ومات عاصياً، وعبدٌ أبق فمات، وامرأة غابَ عنها زوجُها يكفيها المؤنة فتبرّجت من بعدِه)) حديث صحيح رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد والحاكم ومعنى: ((لا تسأل عنهم)) أي: إنهم هالكون لعظم معصيتِهم، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ((يدُ الله على الجماعة)) رواه الطبراني.
ومِن كمالِ شريعة الإسلام إيجابُها وافتراضها على المسلمين اجتماعَ كلمتهم ولزومَ جماعتهم وإمامِهم، ليكونوا كالجبال الرواسي أمام رياح الفتن والشدائد، وليحافظوا على دينهم من التغيير والتبديل، وليحافظوا على مصالحِ دنياهم التي هي قِوام حياتِهم، فعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: وعظنا رسول الله صلي الله عليه وسلم موعظةً وجِلت منها القلوب، وذرفَت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله، كأنّها موعظة مودِّع فأوصنا، قال: ((أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن تأمّر عليكم عبد، فإنّه من يعِش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين المهديين، عضّوا عليها بالنواجذ، وإيّاكم ومحدثاتِ الأمور، فإن كلَّ بدعة ضلالة)) رواه أبو داود والترمذي. ومن أعظمِ ما نهى عنه الإسلام الخوضُ بالباطل في الأحداث والفتن، قال الله تعالى: وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : ((إيّاكم والفتن؛ فإنَّ اللّسان فيها كوقعِ السيف)) رواه ابن ماجه فالواجبُ على المسلم أن يكفَّ يدَه ولسانَه عمَّا حرَّم الله عز وجل وقتَ كثرة القيل والفتن.
ونُحذِّر المسلمين عامّة وشبابَنا خاصّة من التأثّر بالشائعات الكاذِبة والأراجيف المُغرضة والأفكار الوافِدة الهدّامة التي تُنشَر عبرَ الفضائيّات وعبرَ شبكة المعلومات، والتي تستهدِف الطعنَ في الدّين والأخلاق، وتبثّ الفُرقة والاختلاف والخوفَ والهلع والجزَع، وتقدَح في الولاة والعلماء، فالعلماء والولاةُ إذا صلحوا صلحَ الناس، فيُدعَى لهم بالصلاح والخير، ولا يُدعَى عليهم، ويُعانون على مهمّتِهم الكبيرة، فيُعان ولاةُ الأمور على تنفيذِ الشريعة ورعاية المصالح، ويُعان العلماء على بيَان الشريعة وتفصيل أحكامِها والقيامِ بما وُكِل إليهم من أمور الشريعة ومصالحِ الناس واعتصموا بالصّبر واليقين، كما نحذِّر بعضَ الشباب المغرَّر بهم من القيام بأعمالٍ تخريبيّة محرَّمَة تضرّ ببلادهم، يُدفَعون إليها بمكرِ ماكر، أو بحماقَة حاقِد، أو اجتهادِ سفَه من أشخاصٍ وإن لبسوا لباسَ الدّين للوصول إلى منافعهم الشخصية، فتزهَق نفوسٌ آمنة، وتُراقُ دماء محرّمة.
وعلى الأمّة كلِّها حكّامِها وعلمائها وشعوبِها أن تكون يداً واحدةً أمام التحديات التي تهدِّد كيانَهم.
منقول
g.,l hg[lhum
|
|
|
|