إثنان وأربعون عامًا قد مرت منذ تأسيس مركز صحى أبوفروع في 1967م؛ وطيلة هذه الأعوام ظلت قريتنا تحتفى بالأجيال الجديدة التي أتت للحياة من عدم، وتتوشح بثياب الحزن والألم على الذين إرتحلوا مودعين دنياها، وأيضا خلال هذه الأعوام تضاعف عدد سكانها، وأنتقل البعض منهم للعيش خارجها، وتشتت البعض الآخر في مختلف جهات الدنيا؛ ووفد إليها آخرون للإقامة فيها؛ وتعاقبت أحداث، وتبدلت أحوال، وتبعثرت أحلام، وظهرت أمراض وتطورت أخرى؛ بينما ظل مركز صحى أبوفروع كما هو... لا تحديث ... ولا تطوير.. ولا تعمير...ولا زيادة ...بل نقصان أقعده عن مواكبة كافة تلك المتغيرات التي طرأت على أرضها والتي سوف تطرأ... وللأسف الشديد... طيلة هذه الأعوام ظل متخندقاً في خانة (مركز صحي) ولم يتم إدراجه ولو سهواً ضمن أي خطة صحية تطويرية سواء كانت مركزية أو ريفية أو حتى محلية (على زماننا هذا)...وأعتقد جازماً بأنه لم ولن يحظى بأي إهتمام لا من قريب ولا من بعيد من قبل أي جهة حكومية لا سابقاً ولا مستقبلاً.. فهذا المركز الصحى قد تم تأسيسه عبر العون الذاتي لأهل أبوفروع أنفسهم وربما نجح المسئولون الحكوميون فقط في إفتتاحه وتحصيل جباياته.
لقد كان عام 1967م من الأعوام المتميزة حقاً في قريتنا، ويستحق أن نحتفل به، وأن نفتخر ونباهي به وأن نجدد ذكراه وأن نتوقف عنده، لأنه شهد تلاحم وإلتقاء إرادة أهل ابوفروع على إختلاف أمزجتهم مع تلك الكوكبة النيرة من أبناء الرعيل الأول الذين لم يدخروا جهداً ولا وسعاً ولا وقتاً ولا مالاً ولا علماً ولا بصيرةً في سبيل إقامة هذا المركز الصحى، ومنذ انطلاقته وحتى تاريخه ظل يلعب دوراً متعاظماً في المحافظة على عافية الناس وسلامتهم، كما أنه رفع من وعيهم الصحي بالرغم إمكانياته المحدودة والمتواضعة وقله عدته وعتاده.. ومنذ إفتتاحه كان جميع أهالى قريتنا يقصدونه طلباً للتدواي وخصوصاً في ظل عدم وجود الإستثمار الصحي -التجاري ووجود شارع 21 ذو العيادات الخاصة.. وكذلك عدم وجود "التأمين الصحي" أو العلاج الفئوي للمقربين من نوع (خمسة نجوم)... وحتى النقود لم تكن متوفرة لدى الكثيرين أنذاك... فالناس سواسية أمام العلاج (الشافي هو الله) .. (والكاتل والحي الله).... والصحة للجميع.. لذلك معظم الناس يقصدون حكيم المركز وتمرجيه لتلقى العلاج؛ وبالرغم من محدودية خيارات العلاج المتاحة في المركز الصحي (أنذاك) والتي كانت غالباً ما تتراوح ما بين (السلفا، والإسبرين، والكلوركين، والبنسلين (المحلول الحليبيي)، ودواء الحريق والجروح (الظهري)، والتطعيمات ... إلخ)... إلا أنها كانت كافية لشفاء العيان من أي مرض؛ ونعت الحكيم بأنه ( شاطر)... وبالذات عندما تكون الصحة مُحترِفا ( أي متدهورة).. وأيضا كانت (البخرات) و (المحاية) و(طينة ود الطريفي) بالإضافة إلى ( المحريب) و(الحرجل) و(القرض) و(الجردقة) وأشياء أخرى من ضمن الخيارات الأخرى المتاحة للتداوى والتى ربما سارت جنباً إلى جنب مع العلاج الذي يتلقاه العيان في المركز الصحي وخاصةً في الحالات المرضية التي لا تستدعى التحويل إلى المستشفيات المجاورة .. (أي حالات مرض الموت كما يشاع)... فالمركز الصحي يقع في منتصف القرية ولا يتطلب مواصلات ولا إهدار وقت ولا تكلفة علاج باهظة.. ولا... ولا... ولم نسمع ذات يوم بأي خطأ طبي حدث فيه وراح ضحيته عيان (ولله الحمد والفضل والمنة).
تضافرت مؤخراً عدة عوامل مثل القنوات الفضائية والإنترنت والمطابع التي تضخ يومياً الملايين من الصحف والمجلات والكتب إلتي تهتم بالصحة وكذلك إرتفاع نسبة التعليم ...فأسهمت جميع هذه العوامل في زيادة الوعي الصحي، وقامت بترسيخ أهمية التداوي... وأصبح الناس يحرصون على صحتهم أشد الحرص ويجتهدون في سبيل الحفاظ عليها غاية الإجتهاد لكى يحيون حياة طيبة ومثمرة إجتماعياً وإقتصادياً.
ولا يخفى علينا جميعا بأن فواتير العلاج أصبحت عبئاً ثقيلاً علينا وعلى كأهل أهلنا البسطاء والفقراء في أبوفروع، وترك المُعدمين منهم بلا (تأمين صحي) يجعلهم يفتقرون للعلاج... ولن يتبقى لهم سوى خيار الأنين والشكوى والتعايش مع الآلام والأوجاع... ولمثل هؤلاء ولغيرهم ظلت أبواب المركز الصحى مفتوحة طيلة الـ 42 عاماً الماضية.
إن بنات/ وأبناء أبوفروع الذين يستشعرون دور المركز الصحي وأهمية تطويره ودعمه ليقدم خدمات علاجية متكاملة هم معنيون بهذا الأمر... وكذلك خريجي العلوم الطبية والصحية؛. ..بل جميع سكان أبوفروع من خلال التكاتف وتنسيق الجهود... ومثلما كان هذا المركز الصحى بصمة من بصمات الرعيل الأول؛ فإنه يتوجب علينا جميعاً أن نضيف عليه بصمات أخرى من أجل صحتنا وصحة الأجيال القادمة.
والسلام،،،،،،،،،،
lv;. wpn Hf,tv,u>>> ,wpm hgH[dhg
مركز صحى أبوفروع... وصحة الأجيال
العرض الشجري