سرقة الحجر الأسود على يد القرامطة
أنزعجت دولة القرامطة الخلافة العباسية قرابة القرن من الزمن وكانوا يسمون أنفسهم المؤمنون المنصورون بالله والناصرون لدينه والمصلحون في الأرض فماذا فعل هؤلاء المصلحون
فتكوا بحجاج بيت الله الحرام في موسم الحج وقتلوا نحو مائة ألف منهم وذلك في عهد أبي طاهر القرمطي عام 319 هـ وهدموا بئر زمزم ونزعوا كسوة الكعبة واقتلعوا الحجر الأسود وأخذوه على الإحساء وبقي لديهم نحو عشرين عامًا أي حتى 339 هـ حيث أمرهم الخليفة الفاطمي بمصر بإرجاعه ففعلوا.
قال ابن خلكان: ولما أرادوا رده ـ الحجر الأسود ـ حملوه إلى الكوفة وعلقوه بجامعها حتى رآه الناس ثم حملوه إلى مكة وكان مكثه عندهم اثنين وعشرين سنة، وقد ذكر شيخنا ـ يقصد الأثير ـ أن الذي رده هو ابن سفير، وكان من خواص أبي سعيد عام 339 هـ
وكان هجوم أبي طاهر القرمطي على الحجاج بموسم الحج يوم التروية بمكة عام 317 هـ فقتل منهم مائة ألف حاج وقتل أمير مكة وقلع باب الكعبة وسرق الحجر الأسود وأخذه إلى هجر عاصمة دولتهم وقد أصاب الله ذلك الكافر الفاجر أبا طاهر القرمطي بعدها بالجدري فأهلكه شر هلكة فهلك في رمضان عام 332 هـ وانتهى نفوذ دولته من بعده، وقد عاث في أرض المسلمين فسادًا خلال حكمه.
ثم وقعت سنة 317 هـ حادثة القرامطة في المسجد الحرام، وهي حادثة مشهورة، والقرامطة تنسب إلى رجل من سواد الكوفة يقال له: قرمط دعا إلى الزندقة والكفر الصريح، وهم الباطنية، وقتله المكتفي بالله العباسي سنة 293 هـ.
وكان من القرامطة عدو الله ملك البحرين أبو طاهر القرمطي سليمان ابن أبي سعيد الذي تولى العدوان على بيت الله الحرام، ففي سنة 317 هـ لم يشعر الناس يوم الاثنين يوم التروية ـ وقيل: يوم السابع من ذي الحجة ـ إلا وقد وافاهم عدو الله أبو طاهر القرمطي في تسعمائة من أصحابه، فدخلوا المسجد الحرام وأسرف هو وأصحابه في قتل الحجاج في الحرم، وردم بهم بئر زمزم، كما قتل غيرهم في سكك مكة وما حولها زهاء ثلاثين ألفًا، وفعل أفعالاً منكرة.
ثم جاء إلى الحجر الأسود، فضربه بدبوس فكسره، ثم قلعه بعد صلاة العصر من يوم الاثنين لأربع عشرة ليلة خلت من ذي الحجة، وانصرف إلى بلده هجر (البحرين) وحمل معه الحجر، يريد أن يجعل الحج عنده، لكنه خاب وخسر كما خاب قبله أبرهة الأشرم.
قيل إنه هلك في نقل الحجر الأسود تحته أربعون جملاً، فلما أعيد كان على قعود ضعيف فسمن.
وبقي موضع الحجر الأسود من الكعبة المعظمة خاليًا، يضع الناس فيه أيديهم للتبرك، إلى حين رد إلى موضعه من الكعبة المشرفة، وذلك يوم الثلاثاء يوم النحر من سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة، وذلك بعد أن هلك أبو طاهر القرمطي سنة 332 هـ، فرده سنبر بن الحسن القرمطي، حيث وافى به مكة، فأظهره بفناء الكعبة، ومعه أمير مكة، وكان على الحجر ضبات فضة قد عملت عليه من طوله وعرضه، تضبط شقوقًا حدثت عليه بعد قلعه، وأحضر معه جصًا يشد به، فوضع سنبر القرمطي الحجر بيده، وشده الصانع بالجص، وقال سنبر لما رده: أخذناه بقدرة الله ورددناه بمشيئة الله.
ونظر الناس إلى الحجر، فتبينوه وقبلوه واستلموه، وحمدوا الله تعالى.
وكان مدة كينونته عند القرمطي وأصحابه اثنتين وعشرين سنة إلا أربعة أيام.
svrm hgp[v hgHs,]