(أبو الدرداق).. هو عبارة عن حشرة من أنواع الخنافس.. تتغذى على روث الحيوانات.. تدردقها من الخلف في شكل كرة صغيرة.. وتُنسب إليها قصة سودانية مشهورة.. تم أدائها كمسرحية.. ثم صارت
(أبو الدرداق).. هو عبارة عن حشرة من أنواع الخنافس.. تتغذى على روث الحيوانات.. تدردقها من الخلف في شكل كرة صغيرة.. وتُنسب إليها قصة سودانية مشهورة.. تم أدائها كمسرحية.. ثم صارت العبارة مثلاً يضرب لصعوبة نيل المستحيل ويقول المثل:
- (عرس أبو الدرداق للقمرة)..!
وحكاية المثل أن (القمرة) –وهذا تأنيث غير موفق للقمر- القصة تقول أن أبو الدرداق هذا ترفّع عن بنات جنسه.. وطلب يد (القمرة) عروساً له.. (القمرة) وافقت بشرط.. وهو أن ينظّف الأرض من جميع الأوساخ التي عليها.. حتى عندما تنزل إليه.. تجد أن المكان صار يليق بها.. وأبو الدرداق وافق على هذا الشرط.. وهو مؤمن بقضيته.. ولا يزال يدردق روث الدواب.. و(القمرة) في إنتظاره.. أو حسبما هو يعتقد.!!
(1)
يُحكى أنه في غابة ما.. في زمان ما.. كثُرت حشرات (أبو الدرداق) إلى درجة كبيرة.. حتى كادت تضيق عنها الغابة.. أينما تذهب تجدها تفترش الأرض تدردق أبعار الحيوانات إلى أجحارها لتتغذى عليها فيما بعد.. ومن كثرت عددها صارت تلتهم كل مخلفات حيوانات الغابة.. حتى أصبح هنالك نُدرة في البَعَر.. ومن قلّته كادت أن تهلك هذه الحشرات من الجوع.. وطفت إلى مجتمع الغابة ظاهرة أن تذهب مجموعة من حشرات (أبو الدرداق) إلى حيوان ما وتقول له بإنكسار وذلة:
- يا سيدى الثور.. رجاء زد من كمية أبعارك.. فنحن نكاد أن نموت من الجوع.!!
الثور أحياناً يشفق عليهن.. فيُبعر.. وينظر إليهن في أسى وهنّ يدردقن روثه إلى جحورهن بسعادة.. وفي بعض الأحيان يتعذر بعبارات مثل:
- ليس لدي بَعَر الآن.. ألا ترون أني مشغول.. هيا من أمامي.. سأبعر غدا.. هيا لا تضايقوني.!!
(2)
عندما علمت حيوانات الغابة أن أبعارها صارت لها قيمة.. صارت تتمنّع في إعطاءها.. وبمرور الأيام زاد الطلب على أبعار الحيوانات من قبل الدرداقات.. فقررت كل الغابة أن تجتمع على شيء.!!!
افتتح الحديث الحمار:
- أيها الزملاء الأعزاء.. بما أن أبعارنا صارت ذات قيمة.. وفي ذات الوقت ستموت حشرات (أبو الدرداق) إذا لم تجدها.. وقد تفعل أي شيء للحصول عليها.. لذا من هنا أعلن أنني وبصفتي حماراً.. وبعري يتميز بأنه من النوع الجيد.... أعلن أنني لن أفرط في بعري لهذه الدرداقات إلا بشرط.. وهو أن تكون هذه الحشرات في خدمتي.. وأن تفعل ما آمرها به.. وإلا فلا بَعَر عندي.. والسلام.!!
عقب التيس على حديث الحمار:
- نعم.. أنا كذلك.. لن أعطي بعري بالمجان من اليوم فصاعداً.. سأخزن بعري.. لن أعطي بعري إلا للدرداقات التي تخدمني فقط.!!
الحصان.. قال ذات الشيء.. وكذلك الثور قرر بأنه لن يهمل في بعره... حتى القرود والزرافات والغزلان أصرّت على أنها ستخزن بعرها.. ولن تعطيه إلا لمن يخدمها من الدرداقات.!
(3)
تدخل الفيل قائلاً بحكمة:
- أيها القوم.. حشرات أبو الدرداق لا تجيد في الحياة سوى دردقة الروث.. إنها لا تصلح للصيد.. ولا لتربية صغارنا.. ولا تستطيع إطعامنا.. ولا بناء مساكننا.. وأعتقد أنها تقدم إلى الغابة خدمة جليلة بالفعل.. فهي تخلصنا من نفاياتنا وأوساخنا.. وروثنا.. وتجعل الغابة نظيفة.. ورائحتها غير نتنة.. فكروا كيف كنا سنعيش وسط هذه القاذورات لولا حشرات أبو الدرداق.!!
الحمار:
- ضع في الاعتبار أيها الفيل أنها تحتاج هذا الروث بشدة.. لولاه ستموت.. لابد أن نستفيد من هذا الوضع.!
الفيل:
- كونوا عقلاء أيها القوم.. أنتم لن تستفيدوا من مخلفاتكم بشيء.. وفي نفس الوقت لن تتضرروا إذا تغذت عليها هذه الحشرات.. هذه صفقة عادلة.. أعتقد.!
صاح الحمار:
- لا.. لابد لهذه الدرداقات -إذا أرادت أن تعيش بكرامتها- لابد أن تجد طريقة تخدمنا بها غير تخليصنا من روثنا.. لقد اتخذت قراري.. فلتفكر في طريقة تخدمني بها.. وإلا فسوف لن أعطيها بعري.. وقد أحجم عن التبعير.!!
ثم أردف الحمار بغضب:
- سنعطي هذه الدرداقات مهلة يوم واحد لتفكر في طريقة لتخدمنا بها.. وإلا فسوف نتخذ قرارنا.!!
(3)
انتهت المهلة ولم تتوصل حشرات أبو الدرداق إلى طريقة تخدم بها حيوانات الغابة غير تخليصهم من نفاياتهم.. وهم يريدون أكثر من ذلك.. اتخذت الحيوانات قرارها.. أحجم كل حيوان عن إعطاء بعره.... كوّموا مخلفاتهم جميعها في شكل جبل كبير أسموه (جبل البعر).. وصار يحرسه عدد من الحيوانات.. مهمتها إبعاد أي حشرة من نوع أبو الدرداق تقترب من الجبل.!
(4)
يقال أن رائحة الغابة صارت نتنة ولا تطاق بسبب (جبل البعر).. وبسبب ذلك اجتمعت الحيوانات مرة أخرى.. وهذه المرة توصلت إلى حل قاطع.
الفيل:
- أيها القوم.. رائحة الغابة صارت كريهة بسبب هذه المخلفات.. دعوا حشرات أبو الدرداق تأتي لتخلصنا منها.!!
الحمار:
- لا.. لن أسمح لهذه الدرداقات بأن تعيش على روثي.. لن أسمح.!!
الفيل:
- ستصبح الغابة لا تطاق بسبب هذا الجبل.!!
الحمار:
- هنالك حل آخر غير الدرداقات.!
صاحت جميع الحيوانات:
- ما هو؟.!
سألهم الحمار بخبث:
- ما هو الحيوان الذي يتغذى على الروث غير حشرات أبو الدرداق.!
أجابوا جميعاً:
- الخنزير.!!
رفع الحمار رأسه بكبرياء ثم قال في لهجة حاسمة:
- إذا سنمنع حشرات أبو الدرداق عن روثنا.. وسنعطيه للخنازير.!!!!!!!
أزمة تبعير
العرض العادي
