حاطب ليل
نوم الديك في الحبل
عبد اللطيف البوني
في مباريات كرة القدم يتوقف دور المدرب مع وضع الخطة وتحديد التشكيلة وبعد ان يدخل الفريق الملعب يقوم بعملية الاحماء وعند صافرة الحكم تنتقل الادارة لكابتن الفريق وغالباً تبدأ المباراة بداية حذرة من الجانبين فأي فريق يهتم بحماية مرماه ومعرفة نقاط ضعف وقوة الخصم ويعتمد على الهجمات المرتدة، ولو وجدت فرصة لحل فردي من جانب احد اللاعبين سيكون مرحباً بها فهناك اهداف تأتي في الدقيقة الأولى وهذه لا يمكن نسبتها للمدرب أو خطة لعب معينة، فهي حل فردي. بعد ربع ساعة يبدأ المدرب في التدخل ولكن بحذر، أما الشوط الثاني فهو شوط المدربين لأنهم قد ادركو قوة الخصم مقارنة مع قوتهم.
هذه الرمية القصد منها استلاف تكتيكات كرة القدم في وضع خارطة طريق لكيفية تعامل السودان مع قرار محكمة الجزاء الدولية المرتقب بعد غد الاربعاء، ولنعتبر ان كل الذي كان يجري منذ 13 يوليو 2008م يوم اعلان اوكامبو عن طلبه من المحكمة توقيف الرئيس البشير عبارة عن عملية احماء ولا شك ان طول فترة الاحماء كان مرهقاً. بداية المباراة ستكون في الساعة الثانية بعد الظهر بتوقيت هولندا في المؤتمر الصحفي الذي سوف تعقده مسجلة المحكمة والناطقة الرسمية باسمها، بعدها ستتجه كل أنظار العالم لردة فعل السودان فكل الذي نتمناه ان يترك الأمر لكابتن السودان وهو وزارة الخارجية ممثلة في الناطق الرسمي باسمها السفير علي الصادق.
أي، نحصر المسألة في النطاق الدبلوماسي وطالما ان الحكومة اعلنت انها غير معنية بقرار المحكمة يجب ان تستمر في تسيير دفة الحياة بصورة عادية الى بداية الشوط الثاني وهو انتقال المسألة الى مجلس الأمن لتبليغه رفض السودان الامتثال لقرار المحكمة وساعتها سوف يبدأ شوط المدربين وتتغير التكتيكات على حسب مقتضيات الوضع، اخشى ما اخشاه ان تنطلق عشرات الاصوات ومن (قولة تيت) وتعطي اشارات سالبة ومتناقضة وتكشف مرمى السودان امام حلول فردية من الجهة الاخرى.
لا يستبعد ان يكون هناك نشاط مصاحب لقرار المحكمة تقوم به جهة خارجية أو داخلية، فالحذر في هذه الحالة امر لا بد منه إلا انني اتكهن بأن يكون الكل في انتظار رد فعل السودان املاً في اخطاء فردية يمكن ان تنجم عنها اصابة مبكرة في مرمى السودان. لقد رفضت الدول الغربية كل رجاءات الاتحاد الافريقي والجامعة العربية والمؤتمر الاسلامي ومنظومة عدم الانحياز، وقالت انها لن تتدخل في اعمال المحكمة فمن المنطق ان تستمر في ذات موقفها بعد صدور القرار ولا تتدخل في عمل المحكمة وتجعلها وحدها تواجه مصيرها فالمحكمة ليست لديها أدوات تنفيذ وقانونها لا يسمح بالمحاكمات الغيابية وهذه أول مرة تطلب رئيساً على سدة الحكم، فحتماً ستتعرض لامتحان عسير ولكن الامر المؤكد ان القوى الغربية ستهب لنجدتها حتى تلك غير الموقعة على ميثاقها كالولايات المتحدة واسرائيل طالما ان الامر متعلق بحبيبها و(هذه تصغير لحبيب) السودان.
في تقديري ان أبلغ رد يمكن ان يقدمه السودان مع صافرة البداية هو ان تستمر الحياة طبيعية فيه وان يؤدي كل فرد عمله كالمعتاد من الرئيس الى الغفير ويتواصل الدافوري في أزقة الأحياء، ويتواصل الدوري الممتاز وينتصر مريخ الحصاحيصا وهلال كادوقلي ويستمر التلفاز في برمجته العادية مع استغلال النشرات والبرامج السياسية في تغطية الحدث ويغني نجوم الغد في قناة النيل الأزرق وتقدم بائعات الشاي خدماتهن كالمعتاد ولكن على الجهات المسؤولة ان تنوم بعين مفتوحة.
-------------
الرأي العام
k,l hg]d; td hgpfg