عرض مشاركة واحدة
قديم منذ /07-14-2008, 08:55 PM   #1

عضو مميز

هناء الماحي الشيخ غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 172
 تاريخ التسجيل : Jun 2008
 المشاركات : 336

افتراضي رجب شهر الله فاستبقوا فيه الخيرات

رجب شهر الله فاستبقوا فيه الخيرات

"ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذى بين جمادى وشعبان" هذا حديث خاتم المرسلين عن الأشهر الحرم، وسعة دلالات شهر رجب كثيرة منها قول ابن سيدة حول تسمية مضر "مضر اسم رجل قيل سمى به لبياض لونه من مضيرة الطبيخ، والمضيرة مريقة تطبخ بلبن وأشياء، وقيل هى طبيخ يتخذ من اللبن الماضر، إلى غير ذلك من الأقوال، والمشهور أنها قبيلة مضر كانت تعظم هذا الشهر وتصون حرمته، ومن تسميات شهر رجب إضافة إلى مضر كان أهل الجاهلية يسمون رجبا شهر الله الأصم.

قال الخليل: إنما سمى بذلك لأنه لا يسمع فيه صوت مستغيث ولا حركة قتال، ولا قعقعة سلاح لأنه من الأشهر الحرم، فلم يكن يسمع فيه يا لفلان! ولا يا ضباحاه" وفى الحديث شهر الله الأصم رجب، سمى أصم لأنه كان لا يسمع فيه صوت السلاح لكونه شهرا حراما" قال الخليل "ووصف بالأصم مجازا والمراد به الإنسان الذى يدخل فيه، كما قيل ليل نائم، وإنما النائم فى الليل، فكأن الإنسان فى شهر رجب أصم عن صوت السلاح، ويسمونه شهر الله الأصبّ أى الذى يصب الخيرات وتتنزل فيه البركات وكان العرب فى الجاهلية يذبحون شاة فى رجب تسمى الرجبية، فيأكل منها أهل البيت، ويطبخون، ويطعمون وينسبونها لرجب.

وفى الحديث النبوى "هل تدرون ما العتيرة؟ هى التى يسمونها الرجبية، كانوا يذبحون فى شهر رجب ذبيحة وينسبونها إليه" والعتيرة أول ولد للناقة أو الشاة يذبح، ويأكله صاحبه ويطعم منه، وقيل إنها الشاة التى تذبح فى رجب، وفاء لنذر أو إذا أنتجت الشاة عشرا فتذبح واحدة منها، والصحيح أن العتيرة هى الرجبية سواء ينذر أو بغير نذر، وهى سنة جاهلية، قال ابن سراقة "آكد الدماء المسنونة: الهدايا، ثم الضحايا، ثم العقيقة، ثم العتيرة، ثم الفرع، والعتيرة كانوا يذبحونها فى العشر الأول من رجب، ويسمونها الرجبية، والفرع أول نتاج البهيمة، كانوا يذبحونه ولا يملكونه رجاء البركة فى الأم ويكرهان لخبر البخارى "لا فرع ولا عتيرة".

ويسمى رجب الفرد لعزلته عن سائر الأشهر الحرم وكانوا يعظمون الأشهر الحرم غاية التعظيم فيلقون فيها السلاح ويتركون الغزو، ويحرّمون القتال، ولا يأخذون بالثأر حتى أن الرجل ليلقى قاتل أبيه، أو ابنه، أو أخيه، فى هذه الأشهر، فلا يتعرض له بسوء وبلغ تعظيمهم لشهر رجب بخصوصه أنهم يتقربون فيه بالذبائح كما ذكرت سابقا، ويلقى بعضهم إلى بعض بالمودة، ويصلون الأرحام، ويتناسون ما بينهم من العداوة والخصام، وإنما كانوا يعظّمون الأشهر الحرم ويحترمونها لئلا تكون عداوة بعضهم لبعض عقبة فى سبيل حجّهم أو مانعا من زيارتهم بيت ربهم وليأمن المسافر منهم بعد أداء هذه الزيارة على نفسه وماله.

لما ظهر الإسلام أقرّهم على احترام هذه الأشهر وجعل ثواب الطاعة فيها أكثر من ثواب الطاعات فى غيرها وحرم فيها القتال مبدئيا كما كانت عادة العرب فى الجاهلية فقد صح عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال "والله ما أمرتكم بقتال فى الشهر الحرام" حين وقعت سرية عبد الله بن جحش التى سلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله كتابا وأمه ألا ينظر فيه حتى يسير يومين ثم ينظر فى مضمونها، لما فتح الكتاب وجد فيه "إذا نظرت فى كتابى هذا فامض حتّى تنزل نخلة بين مكة والطائف فترصد بها قريشا وتعلم لنا من أخبارهم" فقال "سمعا وطاعة وأخبر أصحابه بذلك ونفذ قول الله تعالى "لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى "البقرة آية 255" فلم يستكره قومه على السير والإقدام، لكنهم مضوا كلهم معه. فلما كان فى أثناء الطريق أضل سعد بن أبى وقاص، وعتبة بن غزوان بعيرا لهما كان يعتقبانه فتخلفا فى طلبه، وبعد عبد الله بن جحش، حتى نزل بنخلة، فمر بها عير قريش تحمل زبيبا وأدما وتجارة فيها عمرو بن الحضرمي، وعثمان ونوفل ابنى عبد الله بن المغيرة، والحكم ابن كيسان مولى بنى المغيرة، فتشاور المسلمون، وقالوا نحن فى آخر يوم من رجب الشهر الحرام، فإن قاتلناهم انتهكنا الشهر الحرام، وإن تركناهم الليلة دخلوا الحرم ثم أجمعوا على ملاقاتهم، فرمى أحدهم عمر بن الحضرمى فقتله، وأسروا عثمان والحكم وأفلت نوفل ثم قدموا بالعير والأسيرين وقد عزلوا من ذلك الخمس، وهو أول خمس كان فى الإسلام وأول قتيل، وأول أسيرين فى الإسلام، وأنكر الرسول ذلك، واشتد تعنّت قريش فقالوا: قد أحل محمد الشهر الحرام إلى أن نزلت الآية "يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصدّ عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل" "البقرة آية 215" فالله تعالى بيّن أن الذى أنكرته قريش على المسلمين وإن كان كبيرا فما ارتكبوه من الكفر بالله والصدّ عن سبيله وعن بيته وإخراج المسلمين الذين هم أهله منه والشرك الذى عليه قريش والفتنة التى حصلت أكبر عند الله من قتال المسلمين فى الشهر الحرام.

وفى هذا الشهر حملت آمنة بنت وهب من عبد الله بن عبد المطلب بمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى سنة خمس من النبوة وقعت أول هجرة للحبشة بمشاركة عثمان بن عفان وزوجته رقية بنت الرسول صلى الله عليه وسلم فقال عليه الصلاة والسلام "إن عثمان لأول من هاجر بأهله بعد نبى الله لوط عليه السلام" وقد أكرمهم النجاشى أضخمة وأقاموا عنده آمنين وفشلت قريش فى مكائدها لأن النجاشى كان حاكما عادلا. وسنتحدث عن معجزة الإسراء والمعراج التى وقعت فى رجب الأصم فى مقال آخر بمشيئة الله.


v[f aiv hggi thsjfr,h tdi hgodvhj








  رد مع اقتباس