وأخيرا من المؤسف أن يقوم بعض المندسين من اليهود بتحريف الديانة المسيحية وإبعاد أتباع المسيح عن دين التوحيد فجعلوا من المسيح عليه السلام شريكا لله سبحانه وتعالى مضيعين بذلك التضحيات الجسيمة التي قدمها المسيحيون الأوائل في سبيل نشر دين التوحيد. ولقد حذر القرآن الكريم في آيات كثيرة هؤلاء المسيحيين من الغلو في دينهم وإدخال الشرك فيه وذلك بقولهم بأن الله سبحانه وتعالى مكون من ثلاثة أقانيم وهي الله الأب والمسيح الإبن والروح القدس فقال عز من قائل "يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (171) لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا (172) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (173)" النساء. ومما يثير الاستغراب أنه لا يوجد أي نص في الأناجيل الأربعة يشير إلى عقيدة التثليث بل بالعكس توجد نصوص لا حصر لها تؤكد على أن المسيح عليه السلام هو عبد الله ورسوله وتنفي عنه صفة الألوهية التي ألبسها إياه المتأخرون من المسيحيين. فقد جاء في الإصحاح التاسع عشر من إنجيل متى ما نصه: "16وَإِذَا وَاحِدٌ تَقَدَّمَ وَقَالَ لَهُ:«أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، أَيَّ صَلاَحٍ أَعْمَلُ لِتَكُونَ لِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ؟» 17فَقَالَ لَهُ:«لِمَاذَا تَدْعُوني صَالِحًا؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ ". وإذا كان المسيح عليه السلام قد نفى الصلاح عن نفسه ورده إلى الله عز وجل فقط فهو بذلك ينفي عن نفسه التهمة التي ألبسها إياه المتأخرون من أتباعه وهي صفة الألوهية والمقصود بالصلاح هنا هو الكمال فلا كامل بحق إلا الله سبحانه وتعالى. وصدق الشاعر لبيد بن ربيعه عندما قال وهو في جاهليته (ألا كل شيء ما خلا الله باطل وكل نعيم لا محالة زائل) ليتفق قوله مع قول المسيح عليه السلام (ليس أحد صالحا إلا الله).
المراجع
1- القرآن الكريم
2- تفسير القران العظيم للإمام الحافظ عماد الدين ، أبو الفداء اسماعيل بن كثير القرشى الدمشقي
3- العهد القديم والعهد الجديد