الإسلام سبق النظم الغربية باكثر من اربعة عشر قرن من الزمان في ارساء هذا المبدأ فقد ثبت في صحيح البخاري ومسلم عن ابي حميد الساعدي: أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) استعمل عاملاً فجاءه العامل حين فرغ من عمله ، فقال يا رسول الله : هذا لكم وهذا أهدي لي ، فقال له : أفلا قعدت في بيت أبيك وأمك فنظرت أيهدى لك أم لا ، ثم قام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عشية بعد الصلاة فتشهد وأثنى على الله بما هو أهله ثم قال : أما بعد ، فما بال العامل نستعمله فيأتينا فيقول هذا من عملكم وهذا أهدي لي ، أفلا قعد في بيت أبيه وأمه فنظر هل يهدى له أم لا ، فوالذي نفس محمد بيده لا يغل أحدكم منها شيئًا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه إن كان بعيرًا جاء به له رغاء ، وإن كانت بقرة جاء بها لها خوار ، وإن كانت شاة جاء بها تيعر ، فقد بلغت".
وكتب عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص (رضي الله عنهما) وكان عامله على مصر: من عبد الله عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص سلام عليك أما بعد : فإنه بلغني أنك فشت لك فاشية من خيل وإبل وغنم وبقر وعبيد، وعهدي بك قبل ذلك أن لا مال لك، فاكتب إلي من أين أصل هذا المال ولا تخفي عني شيئًا.
فكتب إليه: من عمرو بن العاص إلى عبد الله عمر بن الخطاب أمير المؤمنين، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد: فقد وصلني كتاب أمير المؤمنين يذكر فيه ما فشا لي، وأنه يعرفني قبل ذلك ولا مال لي، وإني أخبر أمير المؤمنين أني ببلد السعر به رخيص، وأني من الحرفة والزراعة ما يعالجه أهله... و في رزق أمير المؤمنين سعة، والله لو رأيت خيانتك حلالاً ما خنتك، فأقصر أيها الرجل فإن لنا أحساباً هي خير من العمل عندك! إن رجعنا إليها عشنا بها!
فكتب إليه عمر: أما بعد فإني والله ما أنا من أساطيرك التي تسطر ونسقك الكلام في غير مرجع! وما يغني عنك أن تزكي نفسك! وقد بعثت إليك محمد بن مسلمة فشاطره مالك، فإنكم أيها الرهط الأمراء جلستم على عيون المال ثم لم يعوزكم عذر، تجمعون لأبنائكم وتمهدون لأنفسكم، أما إنكم تجمعون العار وتورثون النار، والسلام" (العقد الفريد، ج2).