![]() |
في ذكرى رحيل فهمي المصري
[align=right]قذف به قدره السرمدي إلى الإقامة المؤبدة في أبوفروع والتي لم يريد الخروج منها فأفضي به إلى البقاء فيها ومات عن عمرٍ ربما يناهز الستين عاما ونيف، وكان ذلك في مطلع الثمانينات، وما فتئت تداعيات ذكرى رحيله تلاحقني في كل عام؛ حيث أن كلٌ من يتنفس ثقافة وتقاليد وأعراف وطموحات وأماني وحكاوي وذكريات أبوفروع... ربما ترتبط ذاكرته الخاصة بشخص ما أو مكان ما أو شارع ما أو بيت ما... الخ.
إنه رجلٌ قصير القامة، ذو وجه صغير وعينان غائرتين، يكسو الشيب فروة رأسه عندما لا يكون لابساً لطاقيته، وفي مشيته عرجٌ خفيف بسبب انحناء ظهره؛ وكان يرتدى أحيانا جلابية ملونه متجولاً بها في شوارع القرية والتي أصبحت فيما بعد موضه، وكان يحمل عصاه بيده ليهش بها على الشُفع الذين يقتربون من منزل العم/ عابدين الشامي، حيث كان يقيم فيه وحده؛ ويتعهده بالحراسة وسقاية الأشجار، وكانت تقبع فيه شجرة نبق كبيرة ومثمرة ُيعرف نبقها (بنبق الجودلية).. الذي كان كثيرا ما يثير شهية الشُفع الصغار أنذاك.. والذين لم يوقفهم الزجاج المُكسر الذي نصبه عابدين الشامي على الحائط من محاولات الحصول عليه، مما أضطره أخيراً إلى وضع السلك الشائك.. لوقف هذا الخطر الزاحف على الثمر والممتلكات... أو الويل والثبور لمن أراد أن يسرق النبق من عصا هذا الرجل. تضاربت الأقوال حول تاريخ مجيئه إلى الحلة؛ فمنهم من قال في السبعينات وآخرين قالوا في الستينيات؛ ومنهم من قال في الخمسينيات من القرن الماضي.، وإن المرء ليتعجب كيف لقريةٍ تحفظ تاريخ معظم أفرادها من المهد إلى يوم يبعثون أن تغفل تاريخ مجئ هذا الرجل ! !؛ وكان أيضا لا يحمل عنواناً أو بطاقة هوية، بل كل ما يحمله هو بطاقة من عابر سبيل لن يذل... عليهم أن يتحملوه وأن يكرموه وأن يصفحوا عنه.. طيلة مدة بقائه.. فباكر حتماً سيرحل .. وسيطلق ساقيه مع أول ريح تحمل قوافل لن تعود... فهو أتى في زمنٍ كان فيه ناس القرية سعداء رغم عدم ثرائهم.. حيث كان ارتباطهم بالبشر أقوى بكثير من ارتباطهم بالأشياء ويملكون الكثير من الوقت والمروءة التي تتسع لهذا الغريب الذي قيل لنا بأن أسمه( فهمي المصري) وهو الاسم الذي درج ناس الحلة على مناداته به، فهو من مصر التي قال فيها الشاعر السوداني مهدي محمد سعيد: أنا من مصر التي تشدو بها الأجيال أفراحا نقشت على ضفاف النيل حرفاً ظل قداحا وأهدى عبقري الفكر للإنسان فواحا وحبي لك لم يزل عطرا لكل العرب نفاحاً ابوفروع المتكئة على ضفاف النيل هي من احتضنت فهمي المصري بكل أريحيه، فهي قرية وادعة تكره العنصرية ولا تعترف باللون أو الهوية وربما لهذا السبب أستبدل فهمي المصري أهله وعشيرته ولم يدير محركات العودة إلى موطنه حيث الأمان الظليل والعزة والمنعة، فهو عاش بين أهل الحلة .. فأحبهم وأحبوه بأعماقهم المشرقة حباً ينتمي إلى فصيلة الإنسانية وعاش بينهم دون نقاش .. ودون اعتراض .. ودون ممارسة أي ضغوط اجتماعية أو مادية عليه .. مؤكدين بذلك أن الإنسانية ليس لها حدوداً. أمتهن فهمي المصري عده مهن لكسب عيشه منها مهنة ضرب الطوب الأخضر الذي كان يستخدم بكثرة في بناء البيوت قبل ظهور نعمة الإغتراب، وكان يقوم أيضا ببعض الأعمال الزراعية الأخرى في مواسم زراعة العيش (ضهرية، وضحوية) كما عمل فترة من الزمن في أول مصنع لبلاط الأسمنت بأبي فروع كان يمتلكه ود فرح (رحمة الله عليه)، وقد كان يمارس تلك المهن من باب الكرامة ومن باب خيرية الكسب من عمل اليد فهو لم يكن محتاجاً آنذاك للعمل لكي يقيت نفسه، فأبواب البيوت كانت مُشرعه ليتشاطر معها لقمة الكسرة أو العصيدة. إنفتقت غياهب ذاكراتي على ذلك الصيف القائظ والسموم اللافح في منتصف الظهيرة عندما كنت متجها من فريق بخيت إلى جوه الحلة عبر الطريق القدامي؛ وقد كنت ماراً بجوار منزل العم/ عابدين الشامي؛ وعادةً ما يسلك الطريق القدامي من أراد أن يصل بسرعة فائقة للمكان الذي يقصده؛ فهو يوفر للشخص الزمن الذي يستغرقه في تبادل التحايا والسلام على الآخرين مقارنةً بطريق وسط الحلة؛ وكذلك يسلكه من كان خائفا من العين. وأثناء مروري بمنزل العم/ عابدين الشامي؛ أستدعاني جدي المجذوب (رحمة الله عليه) ، وطلب مني إحضار جردل ماء والإتيان به إلى منزل عابدين الشامي، وقمت بإحضار الجردل بأسرع ما يكون؛ وعندما دخلت الغرفة وجدت فهمي المصري مزجياً على سريره يصارع في كبدٍ داء الملاريا الخبيثة التي غيبته عن الوعي تماماً وجعلت الإعياء الشديد بائناً عليه؛ حيث كانت مجموعة من الناس تتحلق حول سريره؛ ولا أتذكر منهم سوى العم/ نصيب سعيد الذي كان مهتماً جداً برعاية فهمي المصري العلاجية بحكم مهنته الملائكية وإنسانيته؛ ولأول مرة في حياتي أدرك بأنني أمام لحظات فاصلة ستقسم الزمن إلى جزأين قبل وبعد في حياة فهمي المصري؛ كما كانت أيضاً المرة الأولى التي أشاهد فيها أنساناً يعبر الحد الفاصل بين جرعة الشفاء وجرعة الموت؛ إنها لحظات عدم وفناء مقهورين عليها نحن بني البشر ومتساويين جميعا أمامها في بداياتها ونهايتها؛ رغم محاولات ومجاهدات العم/ نصيب سعيد رحل فهمي المصري مودعاً دنيانا تاركاً خلفه الكثير من علامات الاستفهام والتعجب؟؟!! سرعان ما انتشرت فجيعة موت فهمي المصري في الحلة وبدأ الناس يتوافدون إلى منزل عابدين الشامي، حيث بكوه الرجال والنساء على حدٍ سواء وكذلك الأطفال والشيوخ بكل الألم.. وبحرقة الآهة.. وبأقصى درجات الدموع. فهو نجح في بناء جسور مودة على قواعد ثابتة من الترحيب والوداع. ولقد دفن فهمي المصري في مقابر ابوفروع مع جدودنا وآباؤنا وأمهاتنا وأقرباؤنا وأسلافنا الذين ينتظرون منا الدعاء والترحم عليهم فهل فعلنا ذلك يوماً ما.. عليهم رحمة الله جميعاً. ورحم الله فهمي المصري وأمطره بمغفرته ورحمته التي وسعت كل شيء؛ فقد جاءنا وحيداً وغادر دنيانا ليقوم إنسان قريتنا الجميل بمرافقته إلى مثواه الأخير..فحقاً ما أجمله من إنسان. مع خالص التقدير الفاتح عبدالله أحمد يناير 2008 - جدة[/align] |
رحم الله فهمي المصري وأطال الله عمر ابننا الفاتح
كعادت انسان أبوفروع لاينسى أي جميل وكتابت الأخ الفاتح عن
المواطن فهمي المصري أكبر دليل على ذلك وللاضافه أن فهمي من جاء به للقرية هو المرحوم حسين ود شاع الدين ومكث معه فترة من الزمن . ويا إبني الفاتح قريتنا زي مكة كل من دخلها وجد فيها الأمان والكرم وأهم من ذلك الإحترام (ربنا يخليك وأنتم شباب تلك القريه الرائعه) |
فهمي المصري
لديك مقدرة فائقه علي السرد .
هذه ابوفروع التي كل من شرب مائها احبها حتي الثمالة معطاءة بغير من ولا اذي شامخة مثل النخلة مترفعة عن الدنايا انسان ابوفروع وكما قال الشاعر : اخو بأس اخو كرم فيه الماء والنار شن قولك فيها عليك الله؟ هذه ابوفروع الواحة الخضراء . |
الاخوان الاعزاء تحية وتقدير
اللهم ارحم فهمى واغفر لة وارحم موتانا وموتى المسلمين مرت على ابوفروع شخصيات عديدة من خارج القرية تركت بصماتها على مسيرة القرية ومنهم قضى نحبة ومنهم من رجع من حيث اتى ومنهم من استقر بالنسب فى مختلف المهن ونذكر بانقى , حاجة كلتوم؛ ود تاتاى . ابدك , ود هبت ، على بسمة , الامين محمود، عبد الحميد الفلاتى واسرتة وخصوصا ابنة، ابوعاقلة ترزى ود الشيخ وكان يلعب فى خانة حارس مرمى بمنتخب القرية , الباقر مساعد محمود ود على ,ومن الاستاذة شيخ اسماعيل شيخ على شيخ بدوى شيخ بابكر شيخ عباس شيخ محجوب شيخ الطيب ست حياة والاستاذة روضة بلة, ابكر واحمد ود الصيفى بالطاحونة القديمة وهارون بطاحونة المعتمد ناس مريم مصنع البلاط .وشخصيات عديدة تسربوا من الذاكرة لكنهم كانوا جزء من القرية فى كل دورتها لهم من التحايا والتقدير |
[align=right]
اقتباس:
[align=right]الخال/ والاخ محمد الهادي جبارة تحياتي العطرة وعبركم للأسرة الكريمة أسعدتني إطلالتك والشكر على المعلومة الإضافية والغائبة عني وأنتظر منك المزيد...وأتمني أن تكون قريب, وأعتذر بشدة عن تأخر الرد لعدم تمكني من تصفح المنتدى بشكل يومي. تشبيهكم لأبوفروع بأهل مكة المكرمة ينم عن عشقكم الأبوفروعي الأصيل الساكن فيكم، فأهل مكة أهل رسالة وقد كانت مهبط رُسل وخصها الله ببيته المحرم ولم يهدأ لهم بال إلا بعد أن قاموا بنشر هذه القيم السماوية في كل بقاع الأرض وعضو عليها بالنواجذ وبذلوا الغالي والنفيس في سبيل إستمراريتها، وحتما ستظل أبوفروع كذلك بتمسكها ومحافظتها على تلك القيم الإنسانية السامية، والتي تجلت عمليا في وفاة فهمي المصري ( عليه رحمه الله)... وهي بحق قيم جميلة وليس كل جميلٍ يٌنسي.. ولا يعرف الجميل من كانت نفسه بغير جمال.. أدام الله جمالكم وجمال أبوفروع وأمد في عمركم ومتعكم بالعافية[/align] |
[align=right]
اقتباس:
[align=right]رفيقي القديم تحياتي دعنى أهديك مطلع هذه القصيدة (أداء ود جيرانكم سابقا الأخ/ السر يوسف) بلدتي بلدتي بهجة النظر***** كل منظرٍ (كل شئ)فيك يسر وشكرا على الإطراء، فقدره السرد فائقه لأن أبوفروع هي مادتها، ولا أدعي بأنني أستوفيتها حقها أو بأنني خير من يكتب عنها أو حتى مُلما بتفاصيلها ... ولكن يمكنني محاولة نيل شرف الكتابة عنها فيما أعرف وأحس وأتذكر، فكم لعبنا في شوارعها وبيوتها ومرحنا في حواشاتها وجناينها وميادينها، و درسنا في مدارسها وتعلمنا على أيدي أبنائها، و تداوينا في مركزها الصحي، وكم تمتعنا بخضرتها ومياه نيلها... وكم تطالعنا في شقيلها وسبحنا في خور أم نفرها وكم وكم.......ألخ. لذلك حري بنا أخي البروف أن نسود صفحات هذا المنتدى بخصالها وتاريخها الناصع الريان وأن نُزجي التحايا لإنسانها الذي أعلى من قيمتها وأرتقى بها في سلم الفضائل.. بجميل أفعاله وإنسانيته..فلولا إنسانها لكانت رقعة أرض كغيرها من الأرضين، فأبوفروع لم تكن ذات يوم قرية من سقط المتاع بل هي واحدة من عيون قرى الجزيرة وتاريخها يتكئ على مسارات مدهشة لإنسان مر بها أو لإنسان عاش فيها... لذلك أعتقد بأن المرحوم فهمي المصري كان موفقاً جداً في إختياره لها كموطن للإقامة الدائمة وذلك لما وجده من ثراء إنساني عميق. أخي البروف .. بالرغم من أن موت فهمي المصري كان عادياً بمقاييس الدنيا .. إلا أنه أظهر هذه اللوحة المرسومة بقلم الإنسانية، ولك أن تسأل نفسك عندما يموت شخصاً غريباً منقطعة به الُسبل عن بلده... وليس له أهل معروفين .. فمن هو المعني أكثر بفقده ورحيله؟؟ إنه إنسان أبوفروع الذي أيقظت حواسه سطوة الفقد.. فبكى من بكى على فهمي المصري بعاطفة متحررة من أي توجهات ربحية أو أي مقاصد نفعية... ليعكسوا بصدق النزعة الخيرة والفطرة السليمة في إنسان هذه القرية.. كن بخير ولتكن أبوفروع واحة للخير[/align] |
[align=right]
اقتباس:
[align=right]الأخ/ محمد أحمد أحمد سعيد سلام مترع بوهج الذكري الأبوفروعية يغشاكم حضورك هنا بكل هذه الأسماء يشجع ويبشر بفتح الكثير من البوستات التوثيقية، فبعض من ذكرتهم أجهلهم .. ولعل الفرق الوحيد بينهم وبين فهمي المصري (رحمه الله عليه) أنه كان غريب اليد واللسان (كما يقول أبوالطيب) وليس في أبوفروع وحدها .. بل في السودان ككل... ومكث في الحلة حتى مماته، ومداخلتك هذه أوحت لي بفكرة التوثيق للطلاب أيضاً وخصوصا الذين جاءوا من مختلف القرى للإقامة في أبوفروع مع أقرباؤهم لغرض الدارسة ثم مضوا إلى حال سبيلهم كغيرهم... لكى تتوحد ذاكراتنا المشتركة على الأقل وتتجاوز مرحلة إنشطارها في الماضي وتوهانها في الحاضر.... فأرجو أن لا تبخلوا علينا... بوصل عروق ذاكرتنا بالمزيد من المعلومات. صحبتكم العافية .. ولكم خالص التقدير[/align] |
من الشخصيات النادرة والمحبة للصمت (عم الجاك) أو هكذا ينادونه ، كثيرون منذ أن فتحوا أعينهم وجدوه في طاحونة وحوش حاج عثمان ، كان يبيع النبق (نبق الجودلية واللالوب وأشياء أخرى) رجل ودود وطيب رحل في صمت شديد ، لم أرى حبوبتي بتول (رحمة الله عليها) تبكي إنساناً بهذا القدر مثلما بكت على عمّ الجاك وهكذا كانت تناديه أيضاً ، رحمهما الله رحمةً واسعة ونسأله تعالى أن يوسع لهما في مرقدهما ...
|
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الحمد لله الذي سخر لنا هذا الموقع الذي صار حلقة وصل بين ابناء ابوفروع في شتى بقاع الارض كما انه صار جسر يربط بين الماضي و الحاضر من خلال سرد شئ من ذكريات بعض سكان القرية الذين رحلو عنا. و من بين هؤلاء الذين رحلوا عنا و نتمنى معرفة شئ من تاريخه (ود رابح) فنرجو ممن يعرف شئ عنه ان يثري به المنتدى. |
الحب الأبوفروعي
اقتباس:
أبى ليس منا كما قال الرسول (صلعم ) امنيه أن يتحقق لنا لم الشمل ويستمر التواصل وذكرى تداعيات رحيل المواطن فهمي المصري دقت في الوتر الحساس وقد ذكر الزعيم محمدأحمد سعيد قائمه من أمثال فهمي مشكورا ولكن فهمي يختلف عنهم انه أتى من شمال الوادي وعشق تراب الحله وقد تكون أمنيته كانت أن يقبر بها وفق الله إبننا الأخ الفاتح وشكر الله كل القائمين على إدارة هذا الموقع الفخر |
الساعة الآن 05:18 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir