![]() |
أبوفروع في كتابات د.أسحق محمد الأمين القرشي
[align=right]كابلي أيها العملاق، أيها الجميل
لماذا تخطئ في قواعد اللغة العامية؟! بقلم: د . إسحق القرشي لجيلنا في قريتنا البهية «ابوفروع» ولع وهيام بمطربين اثنين أو قل ثلاثة إن شئت. أما أولهما فهو رمضان حسن، فقد كان صديقاً حميماً لابن خالتي العزيز الاستاذ عوض المبارك حسين وهو شاعر ذواقة كثير التأمل. وقد شرَّف رمضان القرية أوائل الخمسينات بدعوة من الاخ عوض لإحياء حفل لصالح نادي القرية، وأقام بمنزل عوض حيث كان يتسنى لي وقتها أن أقفز الحاجز القصير بين منزلنا ومنزل عوض لأشاهد رمضان قبل الحفل بل لأشاهد صورة له ولحرمه الفضلى أهداها للاخ عوض. وأُقيم الحفل بفناء منزل كان يومها أقصى منزل في القرية. منزل خالنا محمد قرقور، وهو منزل له تاريخ حيث شرَّفه كذلك سيادة الزعيم اسماعيل الازهري وكوكبة من زعماء الوطني الاتحادي في محاولة لكسر طوق حزب الامة على السادة الحلاويين لينتهي الحفل الخطابي بكارثة، ربما يحين ظرف آخر لتفصيل فيها. المهم أن رمضان حسن إستقر، والى اليوم عميقاً عميقاً فينا، الأمان، إفتتان «الزهور صاحية» غرامي الاول، تحدي «أنا سلمته قلبي وقايله امين عليه، تحداني ونساني ونسى تقديري ليهو» يا حبي الرزين، بل أنني سمعته يذكر ضيقه ببعض اغنيات له حاكياً ظروف تلحينها وتسجيلها. ذلك كان المطرب الاول، وما زال الى اليوم حين يغني رمضان اوقف كل شئ. واعيد التوازن. المطرب الثاني في خواطر جيلنا في القرية هو حسن عطية، وهو شأن رمضان حسن، شرَّف القرية في زيارة لأهله، آل مولانا المغفور له الشيخ إبراهيم الشيخ بابكر، وللمناسبة كان حسن عطية شديد الإرتباط بأهله، وكان الصديقان العزيزان مولانا الشيخ عبد الرحمن الشيخ ابراهيم، وحمد محمد حمد يقيمان بمنزل حسن عطية للدراسة فكانا وصلاً لنا بالاستاذ واجوائه الباهرة، مما زاد تعلقنا به. وكان لابراهيم الكاشف رنين في وجداننا ايضاً رغم قرابته لحبوبتنا وحبوبة القرية «شميتي بت الكاشف» جدة الاخ العزيز الشيخ كرم الله، وكنا جيراناً لها بالحيطة، عليها الرحمة. هذا الارتباط الحميم، خاصة وقد رسخ في أيام الطفولة الباكرة، ظل في اتساع الى اليوم، حتى أن الاستماع الى «الامان» و «انت حياتي» و«صابحني دائماً وابتسم» يكون كافياً الى اعادتنا من مربع نرفزة المزاج الى حال اعتداله، وهو ارتباط يجعلنا كذلك نتابع ما يقع لتراث هذه الكوكبة الصادحة بالجمال، ولعل أجمل ما وقع أخيراً في هذا الصدد الإلتفاتة الرائعة من الاستاذ الكابلي لاغاني حسن عطية وإعادة تسجيلها، وقد ادرك الكابلي أن حسن عطية ربما دون غيره، قد تضعف صلته بجيل من المستمعين لم تتدرب آذانهم جيداً على سماعه، والاستماع «الصاح» لحسن عطية فيه مشقة، سمعت منه رأياً فيها. لكن تبقى لي عتبى على الكابلي، وهي عتبى تتسع لتشمل عدداً من كبار المطربين، نوجزها في كلمات انهم «لسبب يرونه» يتغنون في اللهجة العامية باللغة العربية الفصحى، وفي ذلك ظلم عظيم للفصحى وللعامية، وخدش للأذن السامعة، وجميعنا يدرك أن للفصحى نظامها اللغوي وللعامية نظامها «اصولها وقواعدها ومعانيها». ولجملة اسباب يرى بعضهم انها «طبيعية» ويرى آخرون انها «مؤسفة». افترق نظام المستويين الفصيح والعامي حتى صار من غير السائغ إدراج هذا في ذاك، خليطاً غير متجانس لا تألفه الاذن في ايهما كان. هذا ما فعله بعض المطربين بحرصهم مثلاً على جرِّ الاسماء الواقعة بعد حروف الجر في النصوص العامية، والامثلة كثيرة ليس من اللائق ذكرها. وأرجو ان يتابعها المستمعون بأنفسهم، ولهم ان يلاحظوا كيف تفاجأ الاذن بل كيف يختل وزن بيت الشعر بهذا الصنيع الذي لا افهم له سبباً.. استاذنا العزيز الكابلي مضى بالأمر شوطاً أبعد فأعرب «أي أضاف علامات الإعراب، الضمة للفاعل وحرص على ضم أول مزيد الثلاثي في رائعة عبد الرحمن الريح «الخرطوم» في صنيع، يؤسفني أن أقول إن أذني نفرت منه حقيقة، وهو افتئات على أداء حسن عطية يقول عجز البيت: أصبح بعضَها ينافس بعضها «بفتح الضاد» غناه كابلي: أصبح بعضُها ينافس بعضها «بضم بعضُ كونها فاعلاً»، وكذلك كلمة تَسْكرِ، مفتوحة التاء، غناها كابلي تُسْكرِ مضمومة التاء في صحة تامة للنحو والصرف وخطأ تام لقواعد العامية. وتأخذني الذاكرة عقوداً خلت حين زارنا الاستاذ محمد وردي، في مدرسة خورطقت الثانوية اوائل الستينات وصدح برائعة اسماعيل حسن ومنها «أنا استاهل وضعتك في مكاناً ما مكانك»، واذكر ثورة اخينا محمد الامين دفع الله لنصب مكاناً بعد حرف الجر «في»، واذكر دفاعي عن حالة النصب هذه بعد حرف الجر واذكر حجتي للاخ محمد من شاهد الحردلو «.. دي قسيت على ناساً كبار ومسامي». ومن قصيدة «جوهر صدر المحافل»: مع كُلاً ما كنت آمل دمي تحنن به الأنامل». وكابلي عميق المعرفة، عميق الاحساس باللغة وجمالياتها ولا أعرف له خطأ نحوياً في قصائده الفصحى «ويقول: من سمعوه بالإنجليزية إنهم لم يلحظوا له خطأً فيها أو هنَّة مع طلاوة العبارة»، بل إنني لا ازال أذكر كيف كان الاستاذ الكبير يطربنا نحوياً وهو يبادل حالتي الرفع والنصب بحسب السياق في رائعة الاستاذ ابو آمنة لعبد الناصر. والتقت نهضتنا بالعرب يوم صافَحْنا جمالَ العرب «بالنصب كونه مفعولاً به». ثم: يوم صافَحَنا جمالُ العرب «بالرفع كون جمال فاعلاً» للأخ الاستاذ الكابلي تحية على مدِّ البصر وإعجاب فيَّاض بلا حدود ومحبة يعرفها في سامعيه الخُلَّص.[/align] http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147494075 |
الساعة الآن 06:09 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir