:::: منتديات أبو فروع :::: - هل يحتاج الأمريكيون إلى 10 دقائق لاستعادة هيبتهم؟

قال الرئيس الأمريكى السابق جيمى كارتر إن باراك أوباما يستطيع فى عشر دقائق أن يغير صورة أمريكا نحو الأحسن وأن يعيد بناء ما هدمته ثمانى سنوات من حكم جورج بوش الابن..

وفى مقابل هذا التصريح المتفائل لأحد الرؤساء السابقين العارفين بالتورط الأمريكى فى كل بؤر التوتر فى العالم وخاصة فى المنطقة العربية، كشف عسكريون أمريكيون أن إدارة بوش أعطت الضوء الأخضر لتسليم المتهمين الأجانب فى قضايا "الإرهاب" إلى دولهم الأصلية وبينها دول اشتهرت بقضايا التعذيب والتعدى على حقوق الإنسان..

ولم تتبرأ إدارة المحافظين الجدد المهيمنة على البيت الأبيض، بل تبنت هذه التصريحات على لسان أحد ابرز صقورها، نائب الرئيس، ديك تشينى الذى زكى ما فعلته فيالق الاستخبارات من اختطافات وأساليب "بديلة"، ويقصد ما جاء على لسان العسكريين من حديث عن التعذيب.

وواضح هنا أن ثمة مفارقة كبيرة بين أمل السيد كارتر فى أن يختزل المرشح الديمقراطى أوباما الزمن وينقذ صورة أمريكا من التهاوى السريع فى المنحدر الذى سقطت فيه، وبين واقع معقد وأخطاء كثيرة فى ملفات عديدة أقدمت على تنفيذها إدارة بوش ومختلف المستفيدين منها والمحيطين بها.

وهذه المفارقة تطرح العديد من الأسئلة حول تقييم الأمريكيين لعلاقتهم بالعالم، فهل المجازر التى تمت وما تزال تتم على مرأى ومسمع من العالم ضد المدنيين الأبرياء فى العراق وأفغانستان، مثلا، هى خطأ صغير يمكن تجاوزه ببيان انتخابى حماسى للسيد أوباما يعبّر فيه عن آمال لا يمكن أن تصمد أمام فظاعات الواقع؟

هل التعدى المفضوح، الذى يتعالى على القانون الدولي، على كرامة الناس فى العراق وحقهم فى الحياة خطأ لا يستحق أكثر من 10 دقائق من الاعتذار السريع المغلف بالكبرياء الأمريكية التى يعبّر عنها إرث رعاة البقر ورامبو، كبرياء لا تقيم وزنا لحياة الآخرين وممتلكاتهم وأفكارهم وقيمهم؟

ليس هناك شك فى أن أمريكا التى تريد أن تمارس دور الشرطى الأوحد فى العالم، تفعل ذلك من موقع قوة اقتصادية وعسكرية وسياسية، وعلى العالم أن يعترف لها بهذه القوة، لكن لا يمكن أن تطلب من أى شعب أن يحول اعترافه بقوتها وريادتها العلمية والتكنولوجية والمالية إلى تصفيق لها حين تحتل أرضه وتهين أبناءه وتسفك دماءهم وتغتصب نساءهم وتسرق نفطهم وخيراتهم وتقيم لهم السجون كما يحدث الآن فى العراق.

هل يمكن أن تقيم الإدارة الأمريكية بكل هذه الأخطاء اتفاقية طويلة الأمد مع العراقيين ويرضون بها ولا يرفعون السلاح لإفشالها خاصة وهى تريد أن تفرض الحصانة لجنودها فيواصلون عمليات القتل، العشوائى والمنظم فى آن، وعمليات الاغتصاب والإذلال دون رادع من قانون محلى أو دولي؟

أى تكافؤ فى أن تضغط الإدارة الأمريكية على حكومة ضعيفة تتنازعها الولاءات الإقليمية والطائفية اتفاقية ترهن فيها أرض العراق ونفطه وأمنه ومستقبل أجياله وتتحول إلى انتداب دائم؟

وفضلا عن كل ما تقدم من حجج وعلامات على استحالة أن تتغير صورة أمريكا بين عشية وضحايا فتصبح صديقة الشعوب باعثة برسائل التطمين لها، فإن شعوبا كثيرة ومنها الشعب العربى لا يمكن أن يثق بأى رئيس أمريكى قادم مادام العراق محتلا والتآمر على فلسطين متواصلا ونهب خيرات العرب عنوان الغزو بمختلف صوره وأشكاله.